16 سبتمبر 2025

تسجيل

دماء الشهداء..ومتناقضات الحياة

31 ديسمبر 2023

انها متناقضات الحياة، والأقدار التي لا يدرك الإنسان ما هي حكمة الله فيما يبتلى به عباده نعمة أو نقمة أو عبرة أو موعظة أو رحمة في النهاية هي ابتلاءات دنيوية لرفع الدرجات وتخفيف الذنوب، أليس هو القائل سبحانه في كتابه الكريم: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * }، إنه الصبر على المكاره وما نراه أمام أعيننا من متناقضات، والانغماس فيها حسب ما يحمله الفكر الانساني ومدى قناعته بما يحمله من ثقافة وقيم ومبدأ، حتى لو دخلوا حجر الضب لدخلوه،، اليوم العالم الغربي والعربي «الامعة « يعيش أجواء الاحتفالات برأس السنة الميلادية « عيد الكريسمس «. زينات وأشجار الميلاد وشموع ورقص وموسيقى صاخبة وألعاب نارية، وخمور وهدايا وغيرها من مظاهر الاحتفاليات السنوية الميلادية التي تعج بها الفنادق والمنازل والشوارع الغربية وبعض الدول العربية وانجراف البعض الى تلك الدول للمشاركة … ومع هذه الأجواء هناك وجه آخر مؤلم يعيشه أهل غزة المنكوبة مع صواريخ الاحتلال وحلفائه نيران مشتعلة مستمرة وأصوات صواريخ مدوية وأجساد دموية تعطر أرض الرباط برائحة شهدائها ودماء تسال لا هدايا ولا زينات ولا ضحكات، ليمتزج الألم بالفرح، وتمتزج أرواح الشهداء وصراخ الأطفال وآهات الأمهات بضجيج الموسيقى والطرب لتعلن عن ميلاد سنة قادمة جديدة. لا ندرك ماذا تحمل في طياتها من مفاجآت قادمة،.. متناقضات يحمل حقائبها أفراد وشعوب وأنظمة، كل يسير في خطى التيار الذي يعكس ما يؤمن به بفكره وما يغذي مصلحته. أعتقد اليوم نحن في وضع انساني متأزم ومؤلم ومفزع ودموي، ليس هناك ضمير انساني لا يدرك ما يحدث في غزة المنكوبة، الا الذين ماتت ضمائرهم في ثلاجة الانعاش وجفت قلوبهم عن النبض بالتفكير فيما يحدث في غزة، يهتفون ويعلنون باحتفالية السنة الجديدة بصخب اعلامي معلن، استوقفني ما ورد في الواتساب عن المفاجأة التي أعلنتها هولندا للعالم بالدعوة بإلغاء الكريسماس والتوقف عن التسوق في هذا اليوم، بينما تتساقط القنابل على أهل غزة، مشيرة الى ضرورة مقاطعة لوريا، وديور، وشانيل وبوما، ومقاطعة المنتجات الداعمة لجرائم اسرائيل ضد الفلسطينيين، والتعاطف مع المظلومين في فلسطين والتثقيف بالابادة الجماعية الذي يمارسها الاحتلال …. كما أن الحزن يخيم على كنائس الطوائف المسيحية في بعض الدول العربية مع احتفالات عيد رأس السنة الجديدة وسط أجواء من الصمت والحزن والغاء مظاهر الاحتفال والفرح تضامنًا مع تردي الأوضاع الانسانية في قطاع غزة، الّا أن الشواذ من السلوكيات الممتزجة بضمائر لا إنسانية قائمة في بعض مجتمعاتنا وأنظمتنا العربية. كم هو مؤلم حين تتسارع بعض الدول العربية الشاذة في الاحتفال برأس السنة الميلادية بزينات والعاب نارية معلنة عن ميلاد المسيح ودخول سنة ميلادية جديدة دون الاستشعار بما يحدث من مجازر دموية لأهل غزة ومراعاة لشعورهم، الأدهى حين تغطي ابراجها باعلام الكيان الصهيوني علنًا واحتفاء بالسنة الميلادية الجديدة ومشاركة المسيحيين أعيادهم. وصدق ما قاله نزار في ابياته مخاطبًا أبناء غزة: يا تلاميذ غزة.. علمونا.. بعض ما عندكم فنحن نسينا.. علمونا بأن نكون رجالًا فلدينا الرجال صاروا عجينا.... علمونا كيف أن الحجارة تغدو بين يدي الأطفال ماساً ثمينا …. يا تلاميذ غزة لا تبالوا باذاعتنا ولا تسمعونا.. اننا الهاربون من خدمة الجيش فهاتوا حبالكم واشنقونا … نحن موتى لا يملكون ضريحًا..ويتامى لا يملكون عيونا.. قد لزمنا جحورنا.. وطلبنا منكم أن تقاتلوا التنّينا. غزة تحترق بنيران الاحتلال بلا توقف لتقدم الضحايا والشهداء، وبعض الأجواء العربية والاسلامية والغربية تشتعل بنيران الألعاب النارية الاحتفالية لاستقبال سنة جديدة، انها متناقضات الحياة نعيش أغوارها.