14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تمنى لو يطول صباحه، ويطول زمانه ولا ينتهي وهو يجلس إلى جوار نخلته الأثيرة وبين شجيرات الزهور المنبثة في حديقة منزلة، يشتم عبقها الساحر ويصغي لتغريد البلابل، وهو يحتسي قهوة الصباح. وفي هذه اللحظات كان يتساءل: ما قيمة الفنون إن لم تعبر عن ذواتنا بآلية يتم فيها إكسابها مناعة ضد الرياء والغرور والغطرسة وحب الظهور ؟!هو يرى أن الشخصية الفنية لا تكونها الدراسات الفنية بل هي مزيج من خلاصة أفكار اتسمت بمهارات عالية تثير الدهشة والمتعة بصدق مشاعر إنسانية متناغمة ومنسجمة.. فأبصر فيما أبصر وأخذ يرتب حامله ولوحته وفرشاته وألوانا يختارها بعناية فائقة ليتسنى له رسم حديث الروح والسمو بها بلا نهاية، وبألوانه النورانية وأحاسيسه الفياضة لرسم الحقيقة المجردة بعيداً عن الزيف، بفلسفته العاشقة لروح الفن ثم قطع جذع نخلته وجرده من لحائه ليبصره، فالفن بالنسبة له إحساس وإذا انعدم الإحساس انعدم الفن وانعدمت شفافيته.إن التعبير الصادق للفن من وجهة نظره هو سفر في رحلة عميقة إلى دواخل الذات يكشف عن خباياها ويفضح عن أسرارها، وبتراقص فرشاته المفعمة بألوانه مداً وجزراً على مسطح لوحته لرموز يعشقها وعوالم أبعد بكثير من مرمى البصر ويسبر في أغوارها أعمق فاعمق، تخالجه مشاعر بين الفرح والترح ليصغي لصوت ملهمته مدندناً هي شخصيتي، هي شخصيتي.! الشخصية الفنية هي حالة حدس لثقافة بصرية قابعة في أعماق النفس؛ لا يتاح فيها تقليد تكرار آلي مُموَّج، بل إبداع حقيقي يظهر بأبهى صوره لا تشوبه شوائب تختفي معها الروح وتصبح الألوان فيها بلا معنى خالية من أية إضافات أو تجارب جديدة فالعبرة تكون بعملية الهضم والاختزال للبعد الخيالى والجمالي.وعندما حل المساء وسكن الليل، وإذ بصاحبنا قد فرغ من لوحته التجريدية التي تشف عن دواخلها فتبدو كمرآة صادقة، ورجع صدى تفكيره لذلك النغم الذي كان يدندن به عندما بدأ مشروعه، إنه لا فن بلا شخصية ورسالة فكرية تسعى لمخاطبة الوعي والروح معاً، وتدفع بنا لما هو أبعد؛ والذي يحرك مشاعرنا، فإن كان حقيقيا خلده التاريخ واستحق أن نطلق عليه فناً، ويبقى له تأثيره رغم رحيل أصحابه. وراح يتساءل أننا كثيرا ما نتساءل من الفنان؟ ولكننا قلما نتساءل من الشخصية الفنية؟