27 أكتوبر 2025
تسجيلتدور معظم التساؤلات حول معنى الإبداع الفني، وطبيعة هذا الفن الجميل الذي تصوغه يد الفنان، ثم يتهادى في آفاق النفوس محفزًا وممتعًا، فيتساءل البعض: هل ما نراه بأبصارنا هو من عوالم الغيب والخيال، أم هو عالم من السحر والجمال؟ إن المثير للانتباه عن معنى الإبداع هنا أن يكون الرد عليه من معجم الفنون الأدبية؛ وهو الذي يمثل مرحلة من التأليف قوامها التجديد والإتيان بالشيء الذي لا مثيل له من قبل، وهو أعلى مراتب النثر والشعر والنقد والفن، ليقربنا من حقيقة أسرار جوهر الإبداع الخلاق. ونحن في هذا السياق لابد من استحضار بعض من فكر فلاسفة المسلمين أمثال الفارابي وابن خلدون والغزالي؛ الذين كانوا يتطرقون في أحاديثهم ومجالسهم إلى مفهوم الابداع الفني والذي يتسامى في بعض الأحيان على المفاهيم الحسية العادية. وبأن نقول على وجه الإجمال إن المعنى لسر الإبداع الفني من جهة الفنان، هو ذلك اللغز المحير الذي يكون وليد لحظة إلهامية تجلى فيها خياله، فيصوغه المبدع في صياغة الأثر في قالب فني، وهنا يظهر معنى آخر في العمل الفني يتمثل في المحاكاة والتي تبدو كشكل جديد يمثل جوهر الفعل الإبداعي. ما دامت تترك مجالًا في قوة الإقناع والاقتناع. إن السر الكبير في الإبداع عند الفارابي من أهم الأشياء في الحياة. والفنان المبدع ليس إنسانًا من العامة، بل هو رسول جمال، لأنه يتلقى المعرفة بطريق الخيال، لذا فإن معيار ارتقاء الفنانين يبدو في قرب مخيلاتهم أو بعدها من حيث السمو بالإنسان إلى الكمال. لاشك ان العقول العظيمة هي التي تطرح الأسئلة المربكة. وكأنني وجدت للغز حلًا، وللسؤال جوابًا، في نظرية الفارابي ورؤيته لجوهر العمل الإبداعي والتي تمتلك القدرة على التاليف والابتكار،، فيؤثر فيه تأثيرًا حسيًا وانفعاليًا وتخيليًا نحو الإمتاع والنفع، عبرالجمال الفني والكمال الإنساني من حيث النظرة الى الوجود؛ فبالنظرة العلمية الى الأشياء ينتفع، وبالنظرة إلى الفنية ينعم. ترنيمة أخيرة هكذا يرى العظماء في النصوص العظيمة أن «الهة الابداع لا تبتسم لمن يهملون القدماء».