13 سبتمبر 2025
تسجيلبمرور العام 2013 يكون العرب قد أمضوا ثلاثة أعوام في تقليب ربيعهم على نار الأمل والانتظار، ومناوشة عقابيله، والدفع عن شبهة انحرافه وانكفائه، واستمطار الوعود والآمال والأماني، والتوسّم خيراً بما بعد تبعثر الحجر، وتعثّر البشر. ليست متاهة بورخيس، ولا متاهة الأعرابي، فردّ الفعل الشعبي المؤجّل فاق كلّ تصوّر، وارتدادات الغضب العربي طالت الجميع، بمن فيهم جنودها المجهولون، وسدنتها، وحرّاس انتصارها، وليست نبوءة نوستراداموس ولا أحاديث العرافين الذين تستضيفهم الفضائيات التافهة، فالله سبحانه وتعالى لم يشرك في علمه أحداً. يقف العربيّ على قمة تفصل بين هاويتين، حسيراً إلاّ من همةٍ تحتاج بصيرة، كليلاً إلاّ من صرخات عبس وذبيان تعاضده في دفع التعب إلّى نشاطٍ له مساراته، عليلاً إلاّ من عافية تدفع بساقيه إلى طلب الرزق، ويديه إلى طلب الدعاء. يقف العربي بين حلمٍ داعب بؤسَه، ونتيجةٍ أكّدت يأسه، رائياً بعين واحدة، وسامعاً بأذن واحدة، وصارخاً بنبرة واحدة. يقف العربي إلى الماضي والحاضر ويقنع نفسه أنه ديمقراطي (سكر زيادة) وليبرالي بدرجة امتياز، وأن فائض حكمته وذكائه يجب أن يوزّع على العالم بالقسطاس، وأن الحظ والمؤامرة وأحابيل أعداء الداخل هي التي أخذته إلى موقع لم يكن يستحقه. يقف العربيّ وقد (فرمتَ) حاسوبه، ليجد أن قدرات الجهاز عاجزة عن تشغيل برنامج حديث، لأن بناه المتهالكة لاتحتمل غير برنامجه القديم الذي فقد عمره الافتراضي أيضاً، يكتشف العربيّ أن حداثته كانت قشرة هشّة مزيّفة، لم تكن غير بدلات أنيقة، وربطات عنق فاخرة، وحفظ أسماء العواصم الأوروبية، يكتشف أن الدولة عميقة، وأن التنظيمات عميقة، وأن الطوائف عميقة، وأنّ القبائل عميقة، وأنّ عناصر جيشنا الوطني ليسوا غير (جندرمة) القرن الثامن عشر، وأن جيش الموظفين الوطني ليس غير كتيبة أفندية استبدلوا بحديث المقهى أحاديث الفيسبوك والتويتر، وأن التليفزيون الوطني محاكاة للحكواتي في مقهى الحارة، ويكتشف أن ثمة نظام عمره قرون لا تمحوه فضيلة ولا توقفه إيدولوجيا، نظام يقول:" أطعم الفم تستحِ العين، ورشرش حبك يا جميل، ويجب أن تطاطئ كي تعلو". يقف العربي على تخوم السنين الثلاث، أملاً في انتصار إرادة الشعب، وأملاً في توقّف حمام الدم، ففي بلادي عجزت كل القوى في العالم أن تسكت صوت الرصاص ولو ليوم واحد، ولم يبق غير ربّ العالمين ملاذنا الأول والأخير، وفي بلادي بات رغيف الخبز حكاية، فعلى كلّ رغيف يجتمع الطاغية والضحية، والقنّاص والهدف، والدم والجوع. ولأن الشمس تشرق كلّ يوم، والزهور تطلع كلّ ربيع، فإن لنا في 2014 أملاً يستمدّ مشروعيته من إيماننا بقدرة الله على كلّ شيء. ** كلمة: عَرَض طلابي قبل أيام مسرحية شبابية (يمعة خميس) باسم نادي قطر، وكان مؤثراً أن يرى المرء طلابه (مُخرجاً) يعبرون عن انتمائهم إلى عصرهم، وبالرغم من خبرتهم القليلة في الوقوف على الخشبة ومواجهة الجمهور، إلا أنهم كانوا حاضرين بمواهبهم وقدراتهم وإخلاصهم، فتحية لهم لجهودهم، ولكلّ من ساندهم ليساهموا مع زملائهم في استمرار الصحوة الجديدة للمسرح القطري، الذي بات المهرجان الشبابي أحد أهمّ روافده.