12 سبتمبر 2025

تسجيل

آه يا بحر

25 يناير 2017

لعلّ بحار العالم خبرت غرقى السوريين جيّدًا، ولم تكن كتاباتنا عنه تماثل وجع المعاناة التي عاشها المهاجرون بأرواحهم، وفيما كنت أتهجّى نصًّا عن الحرب والغرقى، كتب إلي شابّ مبدع "ثامر عثمان" نصًّا معجونًا بمعاناة عالية الألم، وجدت أنّ أشارك قارئي العزيز عذاباتها:"صديقي عيسى الشيخ حسن، كان ذلك قبل 4411 يومًا. كان الفجر يرسل خيوطه الأولى بينما نحن منهمرون بتجهيز الـ"بلم"، كنا نحو أربعين شخصًا، بيننا سبعة أطفال لم يتجاوزوا العاشرة، وكان معنا بعض النسوة، أذكر أنهنّ كنّ يتجاوزن العشر. كان الجميع بلا ملامح، رفاقي الذين شاركوني طريق الرحلة، من حارتي الكئيبة حتى الأراضي المنخفضة هنا، أصدقك القول إن قلت إنّني ما عدت أميز ملامحهم، الجميع بلا ملامح، والعيون ترمي بنظرها نحو الشاطئ المقابل. بلغ منّا التمنّي أن نصل الشاطئ حتى ولو صرنا حجرًا، أو تمثالًا يخلد العابرين، فالمهمّ أن نصل.بدأت أحدّق في الوجوه حولي، ترى ما الذي سيحصل لو جاءت موجة ترحيب قد يرسلها البحر، فربّما تطبّع بشيء من طباع العرب لأن صبغتهم غلبت عليه، فيقسم علينا ألا نغادره قبل أن نبيت! ماذا لو قرر استضافتنا عنده لليلةٍ ولو مكرهين؟! قد لا يعجب السمك طعم جلودنا، جلودنا الممزوجة بطعم البارود، وتراب الجزيرة السورية، وحراقات النفط التي شوّهت جلودنا. ستكون جميع علب السردين التي نباع فيها مغشوشة، لن يبتسم السمك بعدها يا صديقي، سيختنق وقد يصاب بشيء من "ضيق التنفس"، ولكن أمرًا واحدًا سيكتسبه منا لو حدثت حرب في قاع المحيط، سيحدوه الأمل ربما لقطع الصحراء الكبرى سباحة في الرمل، لن يبتسم، لكنّا سنعطيه الأمل، وشيئًا من الجنون".