13 سبتمبر 2025

تسجيل

البوركيني وصراع الحضارات!

31 أغسطس 2016

سيذكر التاريخ ـ ساخراً ـ أنه وقبل نهاية السنة 2016م (الحالية)، استطاع "البوركيني" أن يشعل معركة طاحنة، تجاوزت تداعيات الإرهاب والتفجيرات وهجمات داعش في باريس والمدن الأوروبية الأخرى. لقد تمكن زي نسائي مصمم للسباحة من تجديد الحديث حول صراع الحضارات، حيث اعتبره رئيس الحكومة الفرنسية "ترجمة لمشروع سياسي ضد المجتمع، مبني خصوصاً على استعباد المرأة"، ودافع الرئيس السابق ساركوزي صاحب التاريخ الحافل بالفضائح، والطامح للعودة إلى قصر الإليزيه، عن فكرة حظر ارتداء البوركيني، تحت شعار الحفاظ على "نمط العيش الفرنسي". فهل المشكلة تكمن في قطعة قماش تهدد استقرار العلمانية الفرنسية، أم بالنظرة الاستعلائية على الحق في حرية التنوع والاختلاف؟ وهل قرار الحظر والهجوم الحاد من قبل وسائل الإعلام الفرنسية ـ وخصوصاً اليمينية منها ـ يدخل ضمن التعدي على الحريات الفردية والشخصية، التي تقر بها فرنسا نفسها، وبطريقة متطرفة أحيانا، عندما تطالب الدول الأخرى باحترام الحريات الفردية من وجهة نظر الجمهورية اللائكية! وهل أصبح المشروع الحضاري في باريس اليوم: هو إما التعري، أو الرحيل عن الأرض المقدسة!! في الحديث عن صراع حضارات "البوركيني" مقابل "البكيني"، قام نشطاء بتجربة على أحد الشواطئ ووضعها على اليوتيوب، رصدوا من خلالها رد فعل الناس، على محاولة منع سيدة مسلمة من ارتداء البوركيني والحجاب، وهي على الشاطئ، ليظهر الفرق الشاسع بين البريطانيين والفرنسيين، وكيف تحمي الثقافة البريطانية التنوع الموجود في البلاد، بينما لم تتوافر هذه الحماية على شواطئ مدينة "كان" الفرنسية، عندما حاصر رجال الشرطة سيدة محجبة وأجبروها على خلع ملابسها بقوة السلاح. حيث احتشد المصطافون على الشاطئ واحداً تلو الآخر دفاعاً عن السيدة المحجبة، وعن حقها في ارتداء ما ترغب به، ومنعوا رجل الشرطة المزيف، من إجبارها على خلع حجابها. وتدافعت عدة سيدات لحماية المرأة المحجبة ومنع "الشرطي" من نزع حجابها وإجبارها على خلع ملابسها.. الرابح الأكبر من هذا المعارك والصراعات المزيفة، هم المتطرفون والمتزمتون من جميع الأطراف، وأصحاب نظرية المؤامرة، والعنصريون والمتعصبون والكارهون للآخر، كما أن اليمين المتطرف في أوروبا يسعى إلى توظيف هذه الإشكاليات، لتسجيل مكاسب، وأجندات سياسية ضيقة ومتحيزة!! المؤسف اليوم أن في مثل هذا الأحداث، التي تمثل تحدياً للجميع، والتي تطلب مواقف إنسانية وأخلاقية وحضارية، يتراجع صوت العقل، ويتقدم الصوت الآخر.. الرافض للآخر!