26 سبتمبر 2025

تسجيل

العجوز التي تخلت عن ابنها البار!

31 أغسطس 2012

* كثيرون هم الذين مروا، فوق البساط الأخضر في ميادين كرة القدم وتركوا ذكريات جميلة لدى عشاقهم ومحبي أنديتهم، ولكن قليلون هم الذين تحولوا إلى أساطير في عالم الساحرة المستديرة، نعم هناك نجوم كبار ولاعبون مجيدون ومبدعون لكنهم لم يصلوا إلى الدرجة التي تتوجهم بلقب الأسطورة، مبدعون نعم لكنهم ليسوا أساطير. * ديل بييرو أسطورة إيطاليا ونادي يوفنتوس "السيدة العجوز" حاز على هذا اللقب بفضل الإنجازات التي حققها مع فريقه في الدوري الإيطالي والشامبيونز ليج ومع الاتزوري في كأس العالم فقد كان ديل بييرو من بين تلك الأقدام الإيطالية الرائعة التي شقت طريقها إلى النهائي ومن بين الأيادي الزرقاء التي حملت الكأس ورسمت معالم النجمة الرابعة التي تتوسد صدور لاعبي المنتخب الإيطالي بعد مونديال 2006 * ديل بييرو سكب عصارة فنه وجهده على أرض الميادين الخضراء وتكاثر عشاقه في كل أنحاء العالم لأنه يسحرهم بفنه وأسلوبه الرائع في كرة القدم بانطلاقاته ومراوغاته المذهلة، وأهدافه التاريخية، بل وحتى عندما تبدو الكرة ساكنة بين قدميه دون حراك. * إنه ديل بييرو الذي لقبه رئيس ناديه ذات يوم بالمبدع الفنان "بينتوريكيو"، تأملوا هذا اللقب فائق النعومة والأناقة مقارنة بالألقاب التي تطلق عادة في كرة القدم على الهدافين الكبار مثل الدبابة والفرقاطة والأباتشي، وهذا مؤشر على نوعية اللاعب الذي أجبر رئيس ناديه على إطلاق الألقاب والتي عادة ما تكون مهمة المشجعين المتعصبين أو في بعض الأحيان تقوم بهذا الدور الصحافة التي من فرط الإعجاب بلاعب ما وعطائه الكبير تضطر إلى إسباغ الألقاب عليه، ولكن ديل بييرو وحده هو الذي يلقبه رئيس النادي. * الآن وبعد أن ساهم "المبدع الفنان" في وضع النجمة الثالثة على صدور لاعبي السيدة العجوز، فيما كل نجمة تساوي عشر بطولات في الدوري الإيطالي، فإن لا مكان لديل بييرو في أروقة يوفنتوس فمنذ نهاية الموسم الماضي أعلن رئيس النادي اندريه انييلي أن ديل بييرو سوف يرحل عن ديار اليوفي. * لقد تخلت السيدة العجوز عن ابنها البار وحبيبها ديل بييرو الذي قدم تضحيات كبيرة جدا طوال مسيرته مع اليوفي والتي بدأت قبل 19 عاما تخللتها العديد من الإنجازات التي كان آخرها عودة لقب الدوري الإيطالي "الاسكوديتو" إلى خزائن السيدة العجوز بعد سنوات عجاف من الغياب إلى الدرجة التي بلغ بها السوء حدا أن حل اليوفي في المركز السابع، إضافة إلى الآثار المدمرة التي عانى منها النادي من جراء فضيحة " الكالشيو بولي " أو التلاعب في نتائج المباريات في موسم 2005 / 2006 والتي أطاحت بالفريق إلى الدرجة الثانية مجردا من لقب الدوري. * طبيعي أن يتماهى الفنان مع واقعه أيا كان، وأن يتعايش مع المأساة خاصة إذا كان يعشق الكيان الذي ينتمي إليه مخلصا ويذوب فيه، وهذا بالضبط ما فعله ديل بييرو فإلى جانب بعض زملائه اللاعبين الذين يدينون بالولاء لفريقهم آثروا البقاء مع السيدة العجوز والهبوط إلى الدرجة الثانية رغم هول الفاجعة، وديل بييرو يقول إن المحبوبة أشد ما تحتاج إلى حبيبها عند المحن، لذلك قررت البقاء إلى جانب محبوبتي السيدة العجوز، وفي الدرجة الثانية استطاع ديل بييرو أن يقود فريقه إلى الدرجة الأولى، وأن يضيف لقبا جديدا بحصوله على لقب هداف الدرجة الثانية واستحق جائزة " القدم الذهبية " بعد أن ذهل كبار النجوم في كل أنحاء العالم بأهدافه التي لا تنقطع وإبداعه الذي لا ينضب، لولا أن الإصابات قالت كلمتها ووضعت النقطة الأخيرة على سطر ديل بييرو في ديار السيدة العجوز التي غادرها ابنها ودموعه تسيل. * رحل ديل بييرو وهو يحمل لقب الهداف التاريخي ليوفنتوس وهو أيضاً واحد من أفضل عشرة لاعبين في تاريخ الكرة الإيطالية يبقيه في ثنايا الذاكرة الحية لدى كل محبي الساحرة المستديرة، ليس في إيطاليا وحدها إنما في كل أنحاء العالم. * إنها سنة الحياة فلا أحد يبقى في مكانه مخلدا ولا حب يعصم حبيبا من أن يبقى ماضيا في يوم من الأيام.