14 سبتمبر 2025
تسجيلسوف يظل الفساد مُسيطرا ومتغلغلا في شرايين الدول وملتصقا بها كما يلتصق الكولسترول الضار بجدار الشرايين المختلفة في كافة أعضاء جسم الإنسان إلى أن يسد أعضاءه المهمة ويُعطبها ويمنع مرور الدم من خلالها. وما يفعله في الدول شبيه لذلك يسد كل مصادر مقومات التنمية ويجعلها معاقة على كرسي متحرك ولولاه لكانت بصحة وعافية جيدة جداً. فالفساد قاتله الله إذا ساد أهلك البلاد وأفقر العباد وساد الكساد وهو سبب بأن العالم الثالث لم يجد حلولا لمختلف مشاكله السياسية والاجتماعية والاقتصادية وشهية أربابه مفتوحة لا يشبعون منه وهو ملح الحياة بالنسبة لهم وهو من يقوي سطوتهم المطلقة وتأثيرهم البالغ في خراب الدول وفشلها على كافة الأصعدة، فهل يُعزى ذلك إلى غياب الوازع الديني أم غياب المسائلة الحقيقية؟ وعن عدم طرح السؤال من أين لك كل هذا فعندما تتضخم ثروات البعض لدرجة التخمة وهو معروف لم يرث شيئاً من أبيه الذي كان معدوم الثروة لابد أن يترك لنا علامة تعجب فكم مثلا يبلغ راتبه إذا كان مسؤولا حتى ولو عمل ليل نهار، وكان عمره كعمر سيدنا نوح عليه السلام ويتقاضى راتبه سبائك ذهبية لم يصل إلى هذا المستوى من الثراء الفاحش؟!. ومن الجانب الآخر حتى قوانين مكافحة الفساد للأسف مزاجية التوجه تغض الطرف في كثير من الأحيان وقد تترك الحبل على الغارب للبعض لربما لأسباب نعلمها أو قد نجهلها لكي يذهب إلى أبعد من ذلك. ففي كثير من الدول التي تغيب فيها المساءلة تجد فيها مسؤولين تُعينهم الدول لمكافحة الفساد هم فاسدون ويملكون أشياء تصيب المرء بالدهشة والاستغراب ولهم استثمارات طويلة وعريضة في أغلب دول العالم. وهناك من يُمارس الفساد بالقانون ويأكل على ظهر الدول ويخترع أشياء ذات مردود مادي عليه أو على خاصته ويعنونها بمصلحة الوطن، والذي أصبح للبعض الشماعة الدائمة تختفي خلفها أشياء بعيدة عن مصلحة الوطن بعيدة كما قال نزار قباني بعد بغداد عن الصينِ. ففي بعض الدول بلغ الفساد فيها خلال سنين ليست بطويلة حوالي 450 مليار دولار بينما الشعب يعيش في فقر وعازّة وعدم وجود خدمات تقدم له من قِبل الدولة إلا القليل منها!. فعندما ترى لافتات مكافحة الفساد تعلو الأبنية وكما نقول «زبرة على باير» مجرد شعارات جوفاء سئم الناس منها وخاصة عندما تلاحظ الفساد في أوجه كثيرة فأينما توجه نظرك في كثير من دول العالم الثالث تلاحظ الفساد. فعندما ترى الفقر والعازّة أو غياب مختلف الخدمات من صحة وتعليم وماء وكهرباء وبُنى تحتية وفوقية متهالكة فـ اعلم أن الفساد وراء ذلك وعندما ترى الطبقية وتفضيل هذا على ذاك وانتشار صور الظلم تجد الفساد له يد في ذلك. وعندما ترى التلاعب في المشاريع أو في مواصفاتها أو تقسيم كيكتها على أُناس معروفين، عندما ترى شركات تخص مسؤولين أنفسهم تعمل في مشاريع في إطار مسؤوليتهم بل في بعض الدول هم من يوقع بند الصرف وكأن وارث هذه الجهة أو تلك من عائلته. ولو سأل سائل نفسه كم حجم الفساد وكم يبلغ مبلغه فأكيد لن نجد أرقاما تحدد كم يبلغ فـ لربما يسد البحار والمحيطات والأنهار ويعلو جبال أطلس وروكي والهملايا ارتفاعها.