14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في مقابلة مع قناة PBS الأمريكية تحدث السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة بالنيابة عن دول حصار قطر والأردن، عن تصوره للشرق الأوسط بعد عشر سنوات، بنظام يحكم بالعلمانية وكما صرح بأن الخلاف الفلسفي مع دولة قطر هو هذه النقطة، فالسفير يريد حكومات علمانية مستقرة ومزدهرة في الشرق الأوسط.من المعروف أن دول الخليج لا تملك سياقا تاريخيا للعلمانية، ولم تدخل المجتمعات المدنية في دول الخليج في صدام مع المؤسسة الدينية، كما هو الحال في أوروبا مثلًا. فنشأة العلمانية في أوروبا كانت لها أسبابها وجذورها تبلورت من خلال مراحل عدة، ومرت بصراعات بين العلم والكنيسة والسلطة الكهنوتية المطلقة التي جعلت المجتمع خاضعا لقوانين الكنيسة القسرية والمركزية منها فرض الضرائب والإقطاعية بالإضافة إلى القوانين المتشددة من تحريم العلم وفرض تعاليم كنسية صارمة على الناس، ثم مرت أوروبا بحروب طاحنة أبرزها حرب الثلاثين عاما بين مذهبين مسيحيين (الكاثوليكية والبروتستانتية) التي انتهت في عام 1648 وثم دخلت أوروبا في عصر التنوير، أي باختصار لم تولد العلمانية في عشر سنوات وبكل تأكيد لم تولد من فراغ فلقد هيأت الظروف والأحداث الدموية المجتمعات الأوروبية بالأخص الفرنسية للنظام العلماني وفصل الدين عن الدولة والحياة العامة بمجملها. نعود إلى تصريح السفير الإماراتي، الذي أثار الاستغراب في توقيته وسياقه أيضا، فكيف نفهم تصريحات السفير حينما تحدث بالنيابة عن الدول التي أشار إليها، وهل يعني تصريحه بنظام علماني في تلك الدول التي ذكرها هي أيضًا تغيير الدساتير التي وضعتها الدول والتي تستمد تشريعاتها من الدين الإسلامي. كما أن العلمانية تصاحبها مبادئ أساسية، أبرزها المشاركة الشعبية، العدل، والمواطنة، وكفالة الحريات بكل صورها. من صور العلمانية أيضًا عدم تسييس الدين والتجارة الحرة التي لا تخضع للمزاج والأهواء السياسية، والديمقراطية، وعدم فرض عقوبات مثل "الحصار" مثلًا ثم وضع إملاءات وشروط، العلمانية أيضًا لا تتدخل في سيادة الدول ولا تملي عليها تصورها ورؤيتها وسياساتها الخارجية، كما أن العلمانية تعني التسامح مع الآخر بغض النظر عن انتماءاته السياسية، الدينية، العرقية وغيرها. العلمانية ليست حلًا سهل التطبيق، فهي لا تسقط من أفواه من يريد فرضها، لتصبح المجتمعات بعد ذلك علمانية بين ليلة وضحاها، فقبل الحديث عن تغيير الأنظمة الحالية إلى أنظمة علمانية، لابد من إقرار مبادئ وأسس من شأنها تحقيق الازدهار والاستقرار الذي تحدث عنه السفير، أبرزها عدم التورط في أزمات من شأنها تهديد استقرار الوضع الراهن كما هو الحال الآن.