29 أكتوبر 2025

تسجيل

فهم سياسة ترامب في "النار والغضب"

10 يناير 2018

يعد كتاب "النار والغضب" لمؤلفه الامريكي الصحفي مايكل وولف من الكتب القليلة حديثا التي لاقت رواجاً وشهرة واسعة، وبالرغم من ان الكتاب الذي استغرق ١٨ شهرا لكتابته وما يقارب ٢٠٠ مقابلة اجراها الكاتب، قوبل بانتقادات حول صحة المعلومات ودقة الروايات التي نشرت فيه، إلا ان الكتاب يمكنه ان يلخص ويؤكد امرين، الامر الاول حالة الفوضى التي تعم الادارة الامريكية الحالية، والثاني، سياسة الادارة وبالتحديد الرئيس الامريكي دونالد ترامب وكيفية اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية. مضت سنة على رئاسة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الا ان الادارة الامريكية مصابة بحالة من الفوضى من خلال اقالة جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI والتكهنات والتحقيقات حول التواطؤ مع روسيا، وكذلك كبير مستشاري ترامب المستقيل ستيف بانون الذي وجه سيلا من الانتقادات اللاذعة لترامب وعائلته، ثم هنالك علاقة ترامب بالعاملين في البيت الابيض والذي على حد وصف الكاتب ان الجميع اتفق على وصف تصرفات الرئيس الامريكي بأنه يتصرف كطفل، حيث شكك المقربون من الرئيس الامريكي بأهليته كرئيس بل وبقواه العقلية ايضا. اما الأمر الآخر اللافت  للذكر في كتاب النار والغضب هي شخصية دونالد ترامب وكيفية بناء القرارات واتخاذ السياسات الخارجية، فبشكل عام ترامب يتصرف على نحو لا يمكن التنبؤ به وايديولوجيته لا يمكن تحديدها، فهو انعزالي تارة ويتبع ايديولوجية عسكرية تارة اخرى، لكن وبحسب وصف الكتاب بأن ترامب يتصرف بعواطفه ولا تتسم سياسته او ردود افعاله بإستراتيجية واضحة او سياسات منطقية ومُحكمة. ويُستدل على ذلك من خلال اول اختبار للسياسة الخارجية الامريكية لدونالد ترامب حينما قامت ابنته ايفانكا بالتعاون مع نائبة مستشار الامن القومي السابقة دينا باول بعرض صور اطفال سوريين في مجزرة خان شيخون، فاثارت الصور عواطف الرئيس الامريكي مما دفعه لقصف قاعدة عسكرية تابعة للنظام السوري. اما الامر الآخر هو ان ترامب اعطى دول الحصار الضوء الأخضر لممارسة البلطجة bullying على دولة قطر متجاهلاً بذلك نصائح مستشاريه في الخارجية. بعض المعلومات التي وردت في الكتاب ليست جديدة، إلا أن المؤكد ان السياسة الخارجية واتخاذ القرارات هي نقطة ضعف الرئيس الامريكي، فهو لا يستمع لأحد وغير مدرك لتبعات القرارات والسياسات التي يتخذها بل وغير ملم بطبيعة العلاقات الدولية والدبلوماسية، فهو يرى العالم بصورة سطحية وبعواطفه بعيدا عن التعقل والعقلانية. قد تكون تبعات الكتاب على المستوى الامريكي بازدياد التحديات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري مع قرب الانتخابات النصفية في نوفمبر 2018، اما دولياً فهو يؤكد أن الدبلوماسية الدولية  أمامها تحديات جسيمة في التعامل مع ترامب شخصياً.