29 أكتوبر 2025
تسجيل• لا أحد يختلف على أن دول الحصار في وضع لا يحسدون عليه• آل خليفة لم يهتم بأمر مواطنيه في قطر لأنه يعلم أنهم في أيدٍ أمينة• وزير خارجية الإمارات يعترف بالضرر الذي لحق الشعب القطري• ليت أبناء زايد عملوا بمقولته التي قاموا بتحويلها في الاتجاه المعاكس• تم الاستعداد للمؤتمر بعدم طرح أسئلة محرجة لوزراء دول الحصار انعقد مؤتمر المنامة لدول الحصار، وكما وصفناه منذ الإعلان عنه في القاهرة، أنه سيكون باهتا لأن الاجتماع لمجرد الاستعراض لا أكثر، إلا أنه أظهر ضعفا كبيرا في بيانهم وتصريحات وزراء خارجية الدول الأربع في المؤتمر، وهو ما لا يمكن أن يوصف إلا محاولة يائسة نحو الخضوع والخنوع في رضوخهم للحوار وفك الحصار تدريجيا، ولكن بعزة نفس مخدوعة، وإن كان اختلافهم واضحا في العودة للمطالب الثلاثة عشر التي تم إلغاؤها بعد عشرة أيام، ثم عادوا للحديث عنها في اجتماع المنامة، وهو دليل على التناقض والضعف الواضح لديهم. تحدثوا وهم واهمون بأن المتابعين لهم سيصفقون لهم ويهتفون لإنجازاتهم! وإن كان الحضور يريد سماع تعليقات وتصريحات تعمل على شحن هممهم ورفع معنوياتهم التي باتت في الحضيض، لأن كل ما قالوه ودعوا إليه فيما تحدثوا به في وسائل الإعلام المسموعه أو المقروءة أو ما نشروه في المطبوع كانت حربا ضروسا واستنفدوا كل طاقاتهم منذ البداية، فباءت جهودهم بالفشل الذريع والحمدلله. كيف يمكن قراءة الواقع بالحياد وعدم المبالغه، ستكون بكل سهولة في العودة إلى تصريحاتهم الهزيلة وتصنعهم الواضح بالقوة والحضور، إلا أن الجميع يعلم أنهم في وضع لا يحسدون عليه، كما أن دولة قطر تعاملت معهم بما هي أهل له بالطرق الدبلوماسية وبالقانون الدولي وحقوق الإنسان التي أجبرتهم على ما لا يريدون القيام به، فحديث السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي عن الحج ومحاولة تسييسه كانت إجابته باهتة خافتة، لأنهم هم من قاموا بتسييس الحج وإدخاله في الخلافات الدبلوماسية بين الدول، وإلا كان من المفترض أن يتم إنهاء الإشكاليات، إن وجدت، بالحوار والتفاوض فيما بينهم، وكما جرت عليه العادة في حل الخلافات بين الدول، لكن محاولاتهم العنترية لم تعد تجدي نفعا، وعليهم أن يعوا ذلك، وليس أدل على ذلك من وصول طلائع حجاج جمهورية إيران والسماح لهم بأعداد كبيرة وتسهيل كل الإجراءات لهم وإعطاؤهم ما يطلبون، وخطاب السيد خامنئي للحجاج في طهران، وهو يقول لهم على الدول التي تستضيف الحجاج واجبات كثيرة أهمها حماية الحجاج والعناية بهم، وزعم الجبير أيضا أن دولة قطر ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تماطل، وهي السبب في عدم إنهاء إجراءات الحجاج القطريين وإخوانهم المقيمين، ونسي أن وسائلهم حاولت التضليل بأن الموقع الخاص بالحجاج في دولة قطر كسائر الدول الإسلامية، قد انتهت منذ فترة وأن الأسماء تم تحديدها، ولم يعلم بأن إغلاق سفارة بلاده وإغلاق المسار الإلكتروني أيضا لم يتم فتحه لإنهاء الإجراءات الرسمية حيال ذلك، ولم يَدُرْ بخلده أيضا أن الإجراءات المتعارف عليها واضحة بالنسبة للجهات المختصة في دولة قطر، وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها إجراءات الحج، ولكنها قد تكون المرة الأولى التي يتم فيها منع أشقائهم في قطر من الحج!؟ وهو ما لا نتمناه حتى لا تكون إساءة للإسلام ووصمة عار على جبين المسلمين والمسؤولين عنه!؟ كما نسي أن الوزارة المختصة في قطر حاولت مرارا وتكرارا في التواصل مع نظيرتها وزارة الحج السعودية، ولم يكن هناك تجاوب للأسف، بل تم القول بأن عليهم التحدث لوزارة الخارجية السعودية! فمن قام بتسييس الحج يا سعادة الوزير! قطر أم إجراءاتكم هي من ساهم في تضخيمها، كنّا نتمنى أن لا تصل درجة الخلاف إلى هذا المستوى، فوالله إن ما يحدث مؤلم للأشقاء في السعودية كما هو مؤلم لباقي شعوب المنطقة. أما فيما يتعلّق بوزير خارجية البحرين، فكان حديثه وحضوره يبدو من الوهلة الأولى أنه لتحرير الأقصى، والذي لم يجتمعوا لمناقشته حتى على هامش المؤتمر! ولكن للأسف يريدون أن يغتنموا صمود الشعب الفلسطيني بأنهم ودولهم ساهموا في دحر اليهود وفتح أبواب الأقصى أمام المصلين!، وما إن تسمع وزير خارجية البحرين إلا وتتيقن بأنه لا يملك أكثر من قراءته للبيان الذي تشرف بإلقائه! وليته استذكر المواطن البحريني الذي انتقل إلى رحمة الله في الدوحة واجتماع أهل قطر للصلاة عليه ودفنه، وقام بتقديم الشكر للمعزين وتقديم العزاء لأسرة المواطن البحريني، ولكن يبدو أنهم في البحرين لم يفكروا بهموم المواطن وأعدادهم الكبيرة في قطر، لكنهم يعلمون علم اليقين أن قطر حريصة على الاهتمام بهم ورعايتهم وتقديم كل الخدمات اللازمة لهم، والذين سيتمتعون بكافة الخدمات كما يتمتع بها المواطنون القطريون وجميع من يعيشون على أرض قطر. أما وزير خارجية دولة الإمارات، فقد اعترف بما لا يدع مجالا للشك بحجم الضرر الذي لحق بالشعب القطري، وأن ما حدث كان أقل الضرر، ولكنه لم يتحدث أن الضرر الذي لحق بالشعب القطري لحق أيضا بشريحة كبيرة من شعوب المنطقة، وعلى رأسهم الشعب الإماراتي الشقيق، فقطعوا صلاتهم بأهلهم وأقاربهم وقاموا بفرض قانون ضد من يتعاطف مع أهله أو مع الحق فيما يجري من حصار جائر على دولة قطر، ولكن عندما نرى أعدادا كبيرة من أبناء شعبهم الوفي في السجون وفي المعتقلات، والأفضل حالا منهم في الغربة هو وأهله وأولاده، فلا يمكن أن نشك ولو للحظة واحدة بأنهم لن يهتموا بشعوب الدول المجاورة الشقيقة، وهم لا يهتمون بفلذات أكبادهم من أبناء شعبهم، ونذكر هنا كلمة الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله في تصريحه الشهير بأن النفط العربي لن يكون أغلى من الدم العربي! وليته حي كي يرى كم أرخص أبناؤه دماء العرب والمسلمين، وكيف صرفوا مليارات صناديقهم الاستثمارية في الانقلابات والحروب ودعم الميليشيات هنا وهناك، وكيف أنهم ساهموا في عدم استقرار الدول العربية والإسلامية، وكيف أنهم أضاعوا الصورة التي تم رسمها للإمارات في عصره، حتى أصبحت أرضا للخوف والسجن والتعذيب للأسف! أما فيما يتعلّق بوزير خارجية مصر العربية، فما زال يتحدث وهو لا يعي ما يجري ويحدث، ويتحدث عن الإرهاب ومكافحته، وهو يعلم أين مكامنه ومسبباته، وما قاموا به ويقومون به لا يمكن فصله عن الأحداث التي تجري في المنطقة وخصوصا في مصر، فلو أنه عاد لخطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، لوجد التشخيص السليم لمعالجة كل ما يحدث في المنطقة ومصر بالتحديد، فالبطالة والفقر والتهميش وعدم توفر الأسس الداعمة لحياة كريمة لدى الشعب هي الإرهاب الحقيقي، ومعالجة كل ما تم ذكره سيقضي حتما على الإرهاب وأسبابه ودوافعه في أقصر وقت وبأقل التكاليف، ولكن يبدو أن مصر تسعى من المشاركة في هذا الحصار لأن تجد لها مبررا في سلوك طريق للحوار مع دولة قطر، خاصة أنهم يعلمون موقف قطر وإمكاناتها الهائلة في تعاونها البنّاء مع أي دولة شقيقة أو صديقة، وكم هم بعيدون عن كل ذلك، فدولة قطر تحترم الدول وقادتها وحكوماتها وإرادة شعوبها أيضا، وتسعى لبناء علاقات طيبة ووثيقة مع الجميع، وليس أدل على ذلك من وجود شريحة كبيرة من أشقائنا المصريين في الدوحة بمختلف انتماءاتهم الفكرية والعقائدية، دون أن يتعرض لهم أحد، فما يجمعنا أكثر مما يفرّقنا. باختصار يمكن أن نختزل المؤتمر بأنه رسالة غير مباشرة لبدء الحوار وفك الحصار عن دولة قطر، ولكن بطريقة تحفظ لهم ماء الوجه الذي لم يعد يحتمل من الإحراجات أكثر والحذر من أن يُطرح عليهم سؤال، كأن يتم سؤال وزير الخارجية السعودي عن تصريح يوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن حول علمنة السعودية بعد عشر سنوات! أو عن الوضع في الحد الجنوبي! أو سؤاله عما تقوم به إمارة أبوظبي في جنوب اليمن! أو عن وصول طلائع الحجاج من إيران! أو مغزى زيارة مقتدى الصدر مؤخرا! وكذلك حتى لا يطرح أي سؤال لوزير خارجية الإمارات حول البارجة الإماراتية التي تم استهدافها في المخا باليمن! أو عن مصير المعتقلين في السجون الإماراتية! أو عن السجون السرية في اليمن تحت إشراف أبوظبي! وكذلك وزير خارجية البحرين عن التناقض بين تصريحه في أنقرة وما تحدث بعكسه بعد ذلك في دول الحصار! أو عن مصير أبناء شعبه البحريني المتواجدين في قطر بعد مطالبتهم بالعودة، ومن ثم بشكل غير معلن لا يمانعون بقاءهم في الدوحة! أو عن محاولاتهم بالتواصل مع قطر لاستمرار الشأن الاقتصادي، خاصة في بعض المؤسسات الصناعية التي تتبع أشخاصا بعينهم! أو سؤال وزير خارجية مصر عن الأوضاع التي آلت إليها بلاده بعد سنوات من حكم العسكر! ومصير بعض الشرفاء في السجون المصرية وكشف حقوق الإنسان أنهم يعانون أشد المعاناة هناك! والكثير الكثير من الأسئلة، لكن وزارة الخارجية البحرينية استعدت استعدادا جيدا في عدم طرح أسئلة محرجة للوزراء، وأن تكون الأسئلة واضحة، وهو ما تم اعتماده ومعرفة الوزراء له لتجهيز الإجابات وإن كانت غير كافية وشافية لمتابعيهم الكرام.