13 سبتمبر 2025

تسجيل

عمق إستراتيجي اقتصادي مهم لدولة قطر في شرق آسيا

06 فبراير 2019

دول شرق آسيا تحظى بقيمة اقتصادية كبيرة في العالم الزيارة الثانية لصاحب السمو خلال عام ونصف العام الزيارة توجت باتفاقيات اقتصادية في مجالات غير مسبوقة سبق أن استضافت كوريا الجنوبية واليابان تنظيماً لكأس العالم في عام 2002 تعتبر الصين من أعلى الاقتصادات نمواً على مستوى العالم العلاقات القطرية الصينية محورية في شرق آسيا والشرق الأوسط مع عودة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى من جولته الآسيوية، تنبعث الأفراح والاحتفالات الجماهيرية الوطنية والعربية والإنسانية في العاصمة الدوحة وعواصم الشرق الأوسط والعالم محققة خطوات منظمة واثقة الخطى نحو الأهداف التنموية لدولة قطر في رؤيتها لعام 2030. شهد مساء الجمعة الماضي نصرا تاريخيا لقطر بعد تتويجها بكأس الأمم الآسيوية بكل جدارة وثقة، على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد فوزها المبهر على الفريق الياباني في نهائي البطولة، بثلاثة أهداف لهدف واحد. تزامن هذا النصر العالمي لقطر في مضمار الرياضة مع جولة آسيوية جديدة مهمة قام بها حضرة صاحب السمو، شملت كلا من كوريا الجنوبية والصين واليابان، في الفترة ما بين 27 يناير حتى الحادي والثلاثين من نفس الشهر، إذ تعد هذه الجولة هي الثانية بعد جولة قام بها سموه في أكتوبر من عام 2017، والتي جاءت في إطار كسر الحصار الدبلوماسي والاقتصادي، وتعزيز انفتاح قطر على العلاقات الاستراتيجية الأمنية والسياسية وبشراكات مع الاقتصادات العالمية. الجولة الجديدة لسمو الأمير في شرق آسيا لها دلالات اقتصادية ودبلوماسية كبيرة، وذلك بالنظر إلى حجم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، التي وقعتها دولة قطر، مع الدول الثلاث التي زارها سمو الأمير. الأهمية الإستراتيجية لدول شرق آسيا بالنسبة لدولة قطر ورؤيتها المستقبلية: تحظى دول شرق آسيا بقيمة اقتصادية كبيرة، حيث تعتبر من البيئات الاقتصادية المستقرة، التي تستجلب رؤوس الأموال، هذا بالإضافة إلى حجم اقتصاداتها الكبيرة مقارنة مع باقي التكتلات الاقتصادية في العالم، مثل منطقة اليورو والبريكس، كما تعتبر من الدول الأكبر تنافسية في مجال الصناعات والقوى العاملة والمنتجة، وتوفير المواد الخام للتحريك الاقتصادي. بناء على ذلك تعتبر منطقة شرق آسيا منطقة استراتيجية بالنسبة لدولة قطر، خاصة في ظل توجهات الدولة والقيادة الحكيمة لتطوير إمكانياتها الصناعية، واعتمادها أكثر فأكثر على ذاتها، والتقليل من الاعتماد على الخارج، ولعلّ ذلك هو العامل الأهم خلف زيارة سمو الأمير لمنطقة شرق آسيا مرتين في أقل من عام ونصف للاستفادة من الخبرة الآسيوية وتطوير الشراكات مع دولها خاصة تلك التي زارها الأمير في آخر المطاف. حسب تصريحات سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، فإن إجمالي حجم التبادل التجاري بين قطر والدول الثلاث التي شملتها الجولة الآسيوية لسمو الأمير المفدى، بلغت نحو 35 مليار دولار في عام 2017. ومن المرجّح أن ينمو هذا الرقم بشكل ملحوظ نهاية العام 2019. وذلك من منطلق الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة، التي شملت مجالات غير مسبوقة. منها التكنولوجيا والرياضة والصناعة والأمن والنفط. نمو متسارع في علاقات قطر بكوريا الجنوبية واليابان: اليابان وكوريا الجنوبية من الدول التي سبق لها أن استضافت بطولة كأس العالم، وتميزت النسخة التي استضافتها اليابان وكوريا عام 2002، بنجاح كبير على مستوى التنظيم والحضور الشعبي، وحضرت الروح الرياضية وقائع القمة الدبلوماسية التي عقدها حضرة صاحب السمو مع الرئيس الكوري مون جيه، الذي رغم إعرابه عن حزنه لخسارة فريق بلاده أمام المنتخب القطري لكنه أكد دعمه بصدق لفوز قطر بكأس آسيا وهنأ سمو الأمير على الانتقال إلى الدور نصف النهائي. وخلال القمة صرح صاحب السمو بالقول: «إن بلاده تعرف جيداً أن كوريا الجنوبية لها خبرات عدة في إقامة مختلف الفعاليات الرياضية الكبرى منها أولمبياد سيئول والألعاب الآسيوية ببوسان وكأس العام لكرة القدم 2002 والألمبياد الشتوي ببيونع تشانغ». وقد كان ملف استضافة قطر لمونديال 2022 حاضراً على طاولة الاتفاقيات التي وقعها الجانب القطري مع اليابانيين والكوريين، وأوضح أن قطر تتطلع للاستفادة من تجارب كوريا في إطار استعدادها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 حتى يخرج بصورة متميزة. وقد شهدت زيارة سمو الأمير توقيع عدة مذكّرات في مجالات النقل البرّي والبحري مع كوريا الجنوبية، ولعل أهمها مذكرة تفاهم للتعاون في قطاع النقل البري، ومذكرة تفاهم بين الشركة القطرية لإدارة الموانئ وهيئة الموانئ الكورية. وتعتبر قطر شريكاً استراتيجياً لكوريا الجنوبية، حيث تُزوّد دولة قطر كوريا الجنوبية ب 11.5 مليون طن من الغاز الطبيعي، وهو ما يجعل من كوريا الجنوبية أكبر وجهة لتصدير الغاز القطري، كما هو حال بريطانيا واليابان، وفي المقابل تمتلك 15 شركة كورية جنوبية تمثيلاً كاملاً في قطر. ومن المؤشرات الهامة على مستوى تطور العلاقات الاستراتيجية القطرية الكورية، وصول التبادلات التجارية مع كوريا الجنوبية في تسعة أشهر من عام 2018 إلى 11.1 مليار دولار، مقابل 11.7 مليار دولار لعام 2017 كاملاً، وهو ما يعكس نمواً قوياً في المبادلات التجارية والعلاقات البينية بين البلدين الصديقين. أما فيما يتعلق باليابان، والتي كانت خاتمة التتويج في بطولة كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم حيث خرج مقاتلو الساموراي بخسارة أمام المنتخب القطري في استاد محمد بن زايد بالإمارات، فإنها تعد من الدول الحيوية بالنسبة لمشاريع قطر التنموية، وعلى وجه الخصوص مشاريعها الرامية إلى توطين التكنولوجيا في قطر، وتعتبر من أسرع دول العالم نموّاً في مجال الصناعات التكنولوجية، وفي هذا الإطار ناقش الجانبان القطري والياباني، على هامش زيارة سمو الأمير المفدى، فرص الاستثمار وتعزيز المشاريع المشتركة في الصناعات التحويلية والبتروكيماوية والغذائية والتكنولوجيا المتطورة في دولة قطر. وبلغ التبادل التجاري الحالي بين قطر واليابان حوالي 16 مليار دولار في عام 2018، بنمو سنوي قدره 23%، وهو ما يعكس تطوراً لافتاً للانتباه في العلاقات اليابانية القطرية اقتصادياً، وبفضل تطور العلاقات إلى مجالات الثقافة والتصنيع، فإن العلاقة بين البلدين قد أخذت منعطفاً يمكن وصفه بالمنعطف الاستراتيجي. العلاقات القطرية الصينية.. خطوات نوعية نحو الشراكة الإستراتيجية تمتلك الصين الاقتصاد الأعلى نموّاً على المستوى العالمي، وتخطو الصين خطوات واثقة للتربع على عرش اقتصادات العالم، باستحواذها على أكبر احتياطي من الدولار في بنوكها، إضافة إلى قوّتها التصنيعية والبشرية، التي جعلت من الصعب منافستها، والصين ثالث شريك تجاري لقطر، وثاني أكبر مصدر لوارداتها، في حين تعتبر قطر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال للصين، ومن هذا المنطلق يمكن وصف العلاقات القطرية الصينية بالعلاقات المحورية في منطقة شرق آسيا والشرق الأوسط. وتترجم الأرقام التالية قوّة تلك الشراكة، حيث توجد في دولة قطر 14 شركة استثمار صينية بنسبة تَملُّك 100%، وتعمل معظمها في التجارة والمقاولات، كما توجد نحو 176 شركة قطرية صينية مشتركة، تقدّر استثماراتها في قطر بنحو 400 مليون دولار أميركي، أما على مستوى التبادلات، فقد بلغت تبادلات قطر مع الصين 9.7 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2018، مقابل 10.4 مليارات دولار لعام 2017 كاملا، إلا أن الزيارة الأخيرة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في جولته الأخيرة خلقت آفاقاً جديدة لتطوير التبادل الاقتصادي مع الصين. هكذا تمثل منطقة شرق آسيا عمقا استراتيجيا اقتصاديا مهما لدولة قطر تطور منذ بداية وضعها لأسس مشاريعها التنموية والتي تفاعلت أكثر بعد يونيو 2017 إلى شراكات إقليمية ودولية موثوقة، في إطار تنفيذها لرؤيتها الطموحة لعام 2030، وزيارة سمو الأمير الأخيرة لليابان وكوريا الجنوبية والصين هي تعبير واضح ومعلن عن هذا التوجه، الذي بات يترسّخ يوماً بعد يوم، خاصّة مع قدرة دولة قطر وقيادتها على تنويع شركائها مع الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع مختلف الفرقاء والأنداد على الصعيدين الإقليمي والعالمي. [email protected]