28 أكتوبر 2025
تسجيلتُعرف كلُ دولة بمؤسساتها، لا سيّما الثقافية منها، ويحفظ لنا التاريخُ أن منارات كلّ عصر من العصور في مختلف الثقافات والحضارات هي مؤسسات ثقافية، وهذه المؤسسات هي التي تحفظ لنا أبرز ملامح ذلك العصر ومدى التطور الذي وصلت إليه هذه الحضارة أو تلك. وإيمانا من دولتنا الحبيبة قطر بأهمية المؤسسات الثقافية وتأثيرها العميق في المجتمع، يتوالى افتتاح تلك المؤسسات هنا وهناك، المستقلة منها والتابعة لمؤسسات أخرى، وكلُها تصبّ في خدمة الثقافة والصورة الحضارية للدولة. ومنذ تأسيس الدولة وهي تهتم بالمؤسسات الثقافية، ليس أولها المدرسة الرشدية عام 1890، وليس آخرها دار الوثائق القطرية، التي دشّنها حضرة صاحب السموّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في مشيرب صباح أمس. وتأتي تغريدة سموّه على منصة X تعبيرا عن أهمية هذه الدار وما تمثّله في نظر القيادة الرشيدة، فقد قال سموّه: «يأتي تدشين دار الوثائق القطرية اليوم كإضافة إلى منشآتنا الوطنية الأخرى، لتسهم في حفظ تاريخ دولة قطر، وتأصيل هوية بلادنا الثقافية والوطنية، عبر أرشفة التراث الوثائقي والنهوض بالبحث العلمي والكتابة التاريخية والتوعية بأهميتها». وتهدف الدّار، التي تتبع الديوان الأميري، وأعيد تنظيمها بموجب القرار الأميري رقم 29 لسنة 2023، إلى إثراء النشاط الفكري، ورصد تاريخ الدولة، وتنظيم جمع وحفظ الوثائق والمحفوظات والإشراف عليها، تنفيذا لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2023 بشأن الوثائق والمحفوظات، كما تهدف إلى تمكين الوصول إلى المعلومات والسجلات والوثائق وتسهيل استخدامها، وذلك عن طريق وضع معايير وسياسات تُنظم عملية إدارة الوثائق العامة والخاصة والتاريخية والوطنية في الدولة. تحديد كل ما له قيمة تاريخية وتختص الدّار أيضا بتحديد كل ما له قيمة تاريخية من الوثائق الموجودة في حيازة الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى أو الأشخاص، وغيرها من الوثائق والمحفوظات الموجودة في الخارج، وتحديد آليات حصول دار الوثائق على هذه الوثائق والمحفوظات ونقلها إليها، أو الحصول على نسخ أو صور منها. ومن اختصاصات دار الوثائق إبراز القيم الثقافية والعلمية للوثائق، وإجراء البحوث والدراسات التاريخية، والتوعية بأهمية التراث الوثائقي، وفتح المجال للباحثين والمهتمين للاستفادة من المادة المعلوماتية الموجودة في حيازتها والاطلاع عليها. وبالنظر إلى أهداف الدّار واختصاصاتها، ندرك حجم المهمّة التي تضطلع بها الدار في سبيل ترك بصمة على جدار الإرث الثقافي المستدام الذي تسعى مؤسسات الدولة لتركه خدمة للأجيال القادمة. ولا شك أن الدّار بإنجازها لمهامّها الكبرى الموكلة إليها سُتقدم خدمة كبيرة للثقافة والتاريخ الوطني والمتخصصين والمهتمين والأجيال اللاحقة. ومع أن الكثير من مؤسساتنا عملت على تدوين تاريخنا الوطني، إلا أن الدّار بنشرها الوثائق الموجودة لديها وإتاحتها للباحثين، وبحثها عن الوثائق الموجودة في الخارج، سُتقدّم مادّة ثريّة تُثري تاريخنا الوطني، كما أن وجود جهة تختص بهذا الأمر سيُسهل كثيرا على الباحثين مهامَّهم وسيقدّم لهم خدمة كانوا في أمسّ الحاجة إليها، دون أي انتقاص من دور مؤسساتنا الوطنية والثقافية والعلمية الأخرى، التي لم تدّخر جهدا في هذا المجال. لبنة في بناء ثقافي وتأتي دار الوثائق لتشكل لبنة في بناء ثقافي أصبح عظيما باهتمام القيادة الرشيدة الدائم، وليس المجال هنا لذكر المؤسسات والمراكز المكوّنة لهذا البناء، لكنها أصبحت ماثلة للعيان، وأصبح تأثيرها عميقا في الأفراد وفي المجتمع، وليس آخرها مكتبة قطر الوطنية المجهزة بالكامل بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا خدمة للمعرفة وحفظا على نقلها لكل طالب علم بغض النظر عن مكان تواجده. ولا شك أن الدّار ستسهم في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، خاصة ركيزتي التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية، وسيكون لها تأثير كبير على المدى الطويل، فهي من المؤسسات ذات الإنجازات المستدامة التي ستوثّق تاريخنا الماضي والمستقبلي ليكون صورة معبرة عنّا وعن إنجازاتنا لأجيال وأجيال. وبعد تدشين هذه الدّار، فهذه دعوة للمؤرخين والباحثين لاستثمار ما توفّره الدار من وثائق ومن خدمات لتدوين تاريخنا وتحليله والخروج بمؤلَّفات جديدة تعكس صورتنا الحضارية إقليميا وعالميا. المؤسسات الثقافية في قطر المستقلة منها والتابعة لمؤسسات أخرى كُلها تصبّ في خدمة الصورة الحضارية للدولة منذ تأسيس الدولة وهي تهتم بالمؤسسات الثقافية.. ليس أولها المدرسة الرشدية عام 1890 وليس آخرها دار الوثائق القطرية الدّار التي تتبع الديوان الأميري وأعيد تنظيمها بموجب القرار الأميري رقم 29 لسنة 2023 تهدف إلى إثراء النشاط الفكري وضع معايير وسياسات تُنظم عملية إدارة الوثائق العامة والخاصة والتاريخية والوطنية في قطر من اختصاصات دار الوثائق إبراز القيم الثقافية والعلمية للوثائق وإجراء البحوث والدراسات التاريخية والتوعية بأهمية التراث الوثائقي