18 سبتمبر 2025

تسجيل

ولله خزائن السموات والأرض

31 يوليو 2013

نواصل وقفاتنا مع كتاب الله تعالى في سورة "المنافقون" ونتوقف مع قول الله تعالى: ( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) (7) ( هم الذين يقولون) أي للأنصار (لا تنفقوا على من عند رسول الله) صلى الله عليه وسلم (حتى ينفضوا) يعنون فقراء المهاجرين استئناف مجرى التعليل لفسقهم أو لعدم مغفرته تعالى لهم وقرئ حتى ينفضوا من انفض القوم إذا فنيت أزوادهم وحقيقته حان لهم أن ينفضوا ازاودهم وقوله تعالى (ولله خزائن السماوات والأرض) رد وأبطال لما زعموا من ان عدم إنفاقهم يؤدي إلى انفضاض الفقراء من حوله ( صلى الله عليه وسلم ) ببيان أن خزائن الأرزاق بيد الله تعالى خاصة يعطي من يشاء ويمنع من يشاء (ولكن المنافقين لا يفقهون) ذلك لجهلهم بالله تعالى وبشؤونه ولذلك يقولون من مقالات الكفر ما يقولون. • قوله تعالى ( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) (8) ( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) روى أن جهجاه بن سعيد أجير عمر رضي الله عنه نازع سنان الجهنى حليف ابن أبي واقتتلا فصرخ جهجاه بالمهاجرين وسنان يا للأنصار فأعان جهجاها جعال من فقراء المهاجرين ولطم سنانا فاشتكى إلى ابن أبي فقال للأنصار لا تنفقوا الخ والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل عنى بالأعز نفسه وبالأذل جانب المؤمنين وإسناد القول المذكور إلى المنافقين لرضاهم به فرد عليهم ذلك بقوله تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) أي ولله الغلبة والقوة ولمن أعزه من رسوله والمؤمنين لا لغيرهم (ولكن المنافقين لا يعلمون) من فرط جهلهم وغرورهم فيهذون ما يهذون. روي أن عبدالله بن أبي لما أراد أن يدخل المدينة اعترضه ابنه عبدالله بن عبدالله بن أبي وكان مخلصا وقال لئن لم تقر لله ولرسوله بالعز لأضربن عنقك فلما رأى منه الجد قال أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لابنه جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا. • قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) (9) ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم آموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) أي لا يشغلكم الاهتمام بتدبير أمورها والاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن الاشتغال بذكره عز وجل من الصلاة وسائر العبادات المذكورة للمعبود والمراد نهيهم عن التلهي بها وتوجيه النهي إليها للمبالغة كما في قوله تعالى ولا يجرمنكم شنئان قوم الخ (ومن يفعل ذلك) أي التلهي بالدنيا من الدين (فأولئك هم الخاسرون) أي الكاملين في الخسران حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني. • قوله تعالى ( وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين) (10) ( وأنفقوا مما رزقناكم ) أي بعض ما أعطيناكم تفضلا من غير أن يكون حصوله من جهتكم ادخارا للآخرة (من قبل أن يأتي أحدكم الموت) بأن يشاهد دلائله ويعاين أماراته ومخايله وتقديم المفعول على الفاعل لما مر مرارا من الاهتمام بما قدم والتشويق إلى ما أخر (فيقول) عند تيقنه بحلوله (رب لولا أخرتني) أي أمهلتني (إلى أجل قريب) أي أمد قصير (فأصدّق) بالنصب على جواب التمني وقرئ فأتصدق (وأكن من الصالحين) بالجزم عطفا على لفظه وقرئ وأكون بالرفع أي وأنا أكون عدة منه بالصلاح. قوله تعالى ( ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) (11) (ولن يؤخر الله نفسا) أي ولن يمهلها (إذا جاء أجلها) أي اخر عمرها وانتهى ان أريد بالأجل الزمان الممتد من أول العمر إلى آخره (والله خبير بما تعملون) فمجاز لكم عليه إن خيرا فخير وإن شرا فشر فسارعوا في الخيرات واستعدوا لما هو آت, عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) "من قرأ سورة المنافقين برئ من النفاق" .. ونختم بالدعاء الجامع المانع { اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق}.