29 سبتمبر 2025
تسجيليروي د. إبراهيم الفقي (رحمه الله) قصة حصلت له فيقول: كنت مسافراً بسيارتي لمنطقة تُسمى بـ (العين السخنة) ومعي أسرتي. كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل... وقبل انطلاقي وضعت في بالي أن أنتبه على (ضوء مؤشر البنزين) كون المؤشر كان يؤشر على قرب انتهاء الخزان، توجهت لشراء بعض اللوازم وبعدها انطلقتُ ونسيت أمر البنزين، تذكرت أن الخزان سيفرغ من البنزين وأنا في الطريق، وما هي إلا فترة قصيرة حتى أضاء مؤشر البنزين معلناً أن وقودي سينفد نهائياً بعد فترة، لم أقلق في البداية ظناً مني أنني سأجد الكثير من محطات الوقود في الطريق، ولكن... ومع مرور الوقت والظلام الحالك والطريق الموحش بدأ القلق يتسرب، اتصلتُ بصديق مستعلماً منه عن أول محطة بنزين فأنبأني بأنها بعد مسافة طويلة جداً، تحول القلق إلى رعب وتراجعت كل الاهتمامات والمشاغل والمشاكل. وانحصرت الآمال والأحلام والهموم كلها في أمر واحد فقط وهو محطة الوقود ولم أعد أتمنى من الدنيا إلا محطة وقود إذ تضاءلت وتصاغرت كل المشاكل التي كانت تشغلني منذ دقائق، لاح لي ضوء من بعيد فدب في قلبي أملٌ واهنٌ وفرحٌ مُعلق، اقتربتُ من الضوء لم تكن محطة وقود بل إستراحة فقيرة جداً، شعرت بالإحباط وسألت الرجل عن أقرب محطة وقود كياني كله تعلّق بـ فم ذلك الرجل في انتظار إجابتة، قال الرجل: [المحطة بعد مسافة 3 كيلومتر]، كدتُ احتضنه لكني خشيت أن تكون إجابته غير دقيقة أو أن محطة الوقود ليس بها وقود الليلة انطلقتُ بعدها مكملاً طريقي وعيناي لا تفارق (ضوء مؤشر البنزين) ومرت الثواني كالدهر... وأخيراً... لمحت من بعيد محطة الوقود... وحين وصلت لم يكن هناك أحد. وجعلت أبحث عمن أكلمه ظهر رجلٌ أخيراً فسألته متلهّفاً: [عندك بنزين]، قال لي.......... [[ نعم ]] كانت أجمل (نعم ) سمعتها في حياتي فسجدت لله فوراً... بعدها انطلقتُ لاستكمال الرحلة وأنا أشعر أني قد كُتب لي عمرٌ جديد. انتهت القصة. رمضان وتغيير الروتين يكمل د. ابراهيم الفقي (رحمه الله) فيقول جاء في بالي معنى يأتيني كل رمضان فرمضان أصلاً هو محطة وقود... يتزود منها أحدنا لباقي العام كيف نضيعه؟ كيف تجازف بالموت عطشا؟، كيف نمر بمحطة الوقود الوحيدة فلا نتزود؟، وقد يكون رمضان هذا هو الأخير في حياة أحدنا، أي أنه آخر محطة للتزود بالوقود قبل القدوم على الله.. آخر محطة للتوبة والاستقامة ورد المظالم و بر الوالدين وصلة الرحم والعودة للقرآن... يقول الله تعالى في سورة الذاريات: { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ... }، بضعة ليال خفاف تفصلنا عن أجمل وأطهر وأنقى أيام السنة،، عن الروتين الذي لا يمل منه، عن الراحة والطمأنينة،، اللهم بلغنا رمضان بروح أنقى وقلب اتقى،، وعمل أرقى، اللهم اجعلنا من المتزوّدين في محطة رمضان هذا، ولا تجعلنا من الساهين، ولا تجعلنا من المقصرين، ولا تجعلنا من الغافلين، ولا تجعلنا من المحرومين، اللهم آمين. ما يجب على الصائم ومن آداب الصوم الاكثار من الصدقة والبر، والإحسان إلى الناس، لاسيما في رمضان، فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام فيدارسه القرآن. ومنها أن يتجنب ما حرم الله عليه من الكذب والسب والشتم، والغش والخيانة، والنظر المحرم، والاستماع إلى الشيء المحرم إلى غير ذلك من المحرمات، التي يجب على الصائم وغيره أن يتجنبها ولكنها في الصائم أوكد، ومن آداب الصيام أن يتسحر وأن يؤخر السحور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة"، ومن آدابه أيضاً أن يُفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، ومنها أن يبادر بالفطر من حين أن يتحقق غروب الشمس، أو يغلب على ظنه أنها غربت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". رمضان ورفع الحُجب وقال تعالى في حديث قدسي: يا موسى، يا موسى، إني اصطفيتُكَ على النَّاس برسالاتي وكلامي، فخُذْ ما آتيتُك، وكُن من الشاكرين، فقال: يا ربي، هل أكرمتَ أحدًا بمثل ما أكرمتني به؟ أسمعتني كلامَكَ! فقال الله عز وجل: يا موسى، إن لي عبادًا أُخرِجُهم في آخر الزمان، أُكرِمُهم بشهر رمضان، وأنا أقربُ إليهم منك! فإنِّي كلمتُكَ وبيني وبينك سبعون ألف حجابٍ! فإذا صامتْ أمةُ محمد شهر رمضان، وابيضَّتْ شفاهُهم، واصفرَّت ألوانُهم، ارفعتْ تلك الحُجُب وقت إفطارهم!، يا موسى! طُوبَى لمن عطِشتْ كبدُه، وجاع بطنُه في رمضان! فإني لا أُجازيه من دون لقائي، وخُلُوف أفواههم عندي أطيبُ من ريح المسك! ومن صام يومًا من رمضان استوجَب عندي ما لا عينٌ رأتْ، ولا أُذُن سمِعت، ولا خطر على قلب بشر، قال موسى: يا ربي، أكرمني بشهر رمضان مثلما أكرمتَ أمَّة محمد صلوات الله وسلامه عليه، قال الله: هو لأمة محمد خاصة. كسرة أخيرة وجوه جديدة ستدخل المساجد في شهر رمضان، لا ترموها بالنفاق ولا تنسبوها لشيء، بل تبسموا في وجوه إخوانكم لعلها تكون بداية توبتهم، بعض الناس إذا رأى المساجد امتلأت بالمصلين في رمضان نصَّب نفسَه محققاً وقاضياً: أين كانوا؟ ولماذا لم نرهم بقية العام؟، وكأنَّ الجنة والنار بيده، أخي... أختي إنهم في بيت الله لا في بيت أحد من خلقه، ويرجون رحمة ربهم لا رحمتك، فاحذر العُجب بطاعتك فيحبط عملك وأنت لا تشعر.! الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]