11 سبتمبر 2025

تسجيل

التربية بين البيت والمدرسة والشارع

24 يوليو 2024

التربية هي مجموعة القيم الأخلاقية المستمدة من القواعد الدينية، والعادات الاجتماعية، والتي تساهم في توجيه سلوك الأفراد داخل مجتمعهم، كما تُعرف التربية أيضا بأنها هي المؤثرات التي تؤثر على الأفراد، ضمن البيئة التي يتواجدون فيها، وتقسم إلى العائلة، والمحيط الخارجي، وتوصيل هذه المفاهيم التربوية يتم عبر ست قنوات أو مؤسسات، وإذا بحثنا في هذه القنوات وتعمقنا فيها نجد حالها متذبذبا بين عصر وآخر وتختلف من مجتمع وآخر. *مؤسسة البيت* يعتبر البيت أو الأسرة هو القناة الرئيسية والمؤثرة الأولى في توجيه سلوك الأفراد، والإعداد الأولي لنشأة الطفل، والسؤال هنا هل البيت في عصرنا الحالي يقوم بدوره المنوط به، الأب والأم في العمل خارج البيت لمدة عشر ساعات في اليوم وينامون مثلها في الليل وما تبقى من الوقت قد يقضونه في بعض المشاوير ولم يتبق لهما أي وقت سوى القليل لأداء دورهما المطلوب منهم تجاه تربية الطفل، والسؤال هنا أين مكان تربية الأبناء في الجدول اليومي للأسرة. * مؤسسة الشارع (الفريج)* المقصود بالشارع هنا الحارة أو الفريج والجار الذي ينصح ويربي، وصاحب البقالة أو الدكان الذي ينصح ويرشد الأبناء، والطفل يعمل ألف حساب لكل هذه العوامل بالشارع لذلك لم يرتكب أي سلوك خاطئ أمامهم بل سيكون مستمعا جيدا لكل نصيحة من الأكبر منه، والسؤال هنا، هل ما زالت مؤسسة الشارع تؤدي دورها كما كانت تؤديه في السابق بعد التغيرات التي حدثت في مجتمعاتنا المعاصرة؟. *مؤسسة المدرسة والجامعة* المؤسسات التعليمية الآن تعاني من عدة عوامل غير مساعدة لتهيئة بيئة تربوية مثالية، وتواجهها تحديات عديدة سواء كانت عوامل سياسية أو اقتصادية تعاني منها الكثير من دولنا العربية والإسلامية، ومعظم هذه المؤسسات التعليمية أصبحت تجارية يدير معظمها رجال أعمال، والسؤال الذي يطرح نفسه هل مؤسساتنا التعليمية تؤدي دورها المطلوب في ظل هذه الظروف؟. *مؤسسة المسجد* كانت مساجدنا هي المعلم والمربي الأول في بعض العصور السابقة فهي مكان لتعليم وتحفيظ القرآن وتلقي الدروس الدينية والدنيوية، وتخرج منها علماء دين وعلماء فقه وعلماء فلك وعلماء فيزياء ورياضيات ودعاة نشروا الدين الإسلامي في جميع بقاع العالم، ورغم تهيئتها عمرانيا في عصرنا الحالي ومدها بكافة الوسائل التعليمية وسبل الراحة لكنها تحولت معظمها اليوم من أماكن للدروس والتفاكر وإقامة المحاضرات والندوات الدينية والتربوية إلى أماكن للعبادة وأداء الصلوات والفروض والعبادة فقط. *مؤسسة الإعلام* كما هو معلوم بأن جميع وسائل الإعلام الآن مخترقة ودخلت فيها كثير من السموم والعادات الدخيلة على مجتمعاتنا وأضف على ذلك سلبيات ما يتم نشره في صفحات التواصل الاجتماعي، ويصعب على الأسرة وأولياء الأمور التحكم والرقابة في اختيار أولادهم لوسائل الإعلام المفيدة منها نظرا للدخول الحر والمتاح لأولادنا في وسائل الإعلام المختلفة بدون ضابط أو رقابة. *مؤسسة الكتاب والقراءة* معدل القراءة سواء لدى الكبار أو الصغار في تراجع مخيف خاصة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فأين يكمن الخلل إذن؟ وما هي الأسباب وراء ذلك؟ أهي ظاهرة عابرة كما يقول البعض، أم هي مشكلة مستفحلة كما يقول البعض الآخر؟. بالنظر لزمن غير بعيد يكاد الجميع أن يجزم أن مسألة القراءة كانت جزءا لا يتجزأ من حياة الأفراد، بل كانت تشكل هاجساً عند الكثيرين من ذلك الجيل لأن القراءة كانت الوسيلة الأولى في كسب المعرفة والتبحر في أغوارها، نعم كان الكتاب فعلا «خير أنيس»، فازدهرت الكتابة والتأليف والإبداع في شتى مناحي ودروب العلم والأدب والفنون، أما في الوقت المعاصر فمؤسساتنا التربوية والتعليمية لا تشجع على تحسين الطلاب لمهارات القراءة وثقتهم بأنفسهم كقراء، بل تحصر وتربط ما يقرأه الطلاب بالاختبارات فقط، فأصبح الكتاب خارج مؤسساتنا التربوية أو كاد أن يخرج إلا من رحم ربي. *كسرة أخيرة* قامت دولتنا قطر بالعديد من المحاولات والاجتهادات لجعل مؤسساتنا التربوية ترتقي إلى توصيل رسالاتها السامية وتؤدي دورها التربوي كما يجب أن يكون، بالنسبة للأسرة تقوم وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة بدورها في إطلاق المبادرات لتهيئة البيت القطري ليؤدي رسالته التربوية، وتقوم مكتبة قطر الوطنية بالتشجيع على القراءة، كما أن مؤسساتنا التعليمية ولله الحمد تعتبر من أرقى المؤسسات في الشرق الأوسط، وكذلك القائمين على دور العبادة والمساجد وإقامتهم لمراكز تحفيظ القرآن والدروس والمحاضرات الدينية، وتبقى لنا أن تقوم الجهات التخطيطية والإحصائية بتقييم تجارب الدولة في هذا المجال والعمل على تطويرها وتحسينها.