17 سبتمبر 2025
تسجيلكان لمونديالِ اليدِ ثمَّ اليومِ الرياضيِّ دورٌ كبيرٌ في توجيهِ الأنظارِ نحو قضايا تأخذُ حَـيِّزًا ضخمًا في النقاشِ، وتُعَـبِّرُ عن المستوياتِ الـمُتباينةِ للوعي الاجتماعيِّ بين الـمُناقشينَ. ولعَلَّ التعليمَ والـرياضةَ أهمُّ هذه القضايا.التعليمُ موضوعٌ عظيمُ الأهميةِ لأنه يتصلُ بمستقبلِ بلادِنا ومكانتِـها وقدرتِـها على أنْ يكون لها دورًا مؤثِّرًا فاعلًا. ولذلك ندعو الـمجلس الأعلى للتعليم إلى التواصلِ مع الجمهورِ عَـبْـرَ الإعلامِ الـمقروءِ والـمرئيِّ والـمسموعِ بروحٍ جديدةٍ بعيدةٍ عن نَـشْـرِ القراراتِ بشأنِ الـمناهجِ أو التغييراتِ الإداريةِ. الحديثُ عنِ الرياضةِ في التعليمِ ذو شجونٍ، أي لهُ تَفَرُّعاتٌ تتصلُ به في جوانبَ كثيرةٍ. فحالُ الرياضةِ في العمليةِ التعليميةِ، اليومَ، لم يزلْ كما كانَ عليه حالُها منذُ عقودٍ. فهي مادةٌ تُخَصَّصُ لها حصةٌ أو حصتانِ أسبوعيًا، وتُعْـتَـبَرُ هامشيةً لدرجةِ أنَّ الـمُدَرِّسينَ يقومونَ بالاستيلاءِ على حصَّتِها أحيانًا لاستغلالِها في تدارُكِ تَأَخُّرِهِم في تدريسِ الـمناهجِ الـمُقَـرِّرَةِ لـموادهِمْ. والغريبُ أنَّ التربويينَ والـمسؤولينَ عن إدارةِ العمليةِ التعليميةِ لا يرونَ غَضَاضَةً في كونِها مادةً لا مَنهجَ لها، ولا تخضعُ لتقييمٍ يُؤَهِّلُ الطالبَ للنجاحِ أو يحكمُ عليهِ بالرسوبِ، رغمَ أنَّ الدولةَ بحاجةٍ لأجيالٍ تَتَحَلَّى بالـمعرفةِ العلميةِ بالرياضةِ بحيثُ يمكنُ الاستنادُ إليها مستقبلًا في التغييرِ الـمُجتمعيِّ الشاملِ، والإسهامِ في الجهودِ الـمبذولةِ لإقامةِ صناعةٍ رياضيةٍ تُرَسِّـخُ مكانةَ بلادِنا كمركزٍ رياضيٍّ دوليٍّ، وتكونُ إحدى ركائزِ اقتصادِنا الوطنيِّ. لا تفتقرُ بلادُنا إلى الكفاءاتِ من القادرينَ على وَضْـعِ مَنهجٍ تعليميٍّ للرياضةِ، وإعدادِ خططِ تدريسِها وتقييمِ الطلابِ فيها. ولنناقش الأمر في نقطتينِ: (1) منهجُ مادةِ الرياضةِ، ينبغي أنْ يكونَ جاذبًا مُشَـوِّقًا بموضوعاتِـهِ وتصميمِ صفحاتِ كُتبِـهِ. فمن الـمهمِّ، في الـمرحلةِ الإبتدائيةِ، أنْ تكونَ الصورُ التوضيحيةُ كثيرةً، وأنْ يتمَّ التركيزُ على تاريخِ اللُّعباتِ وتَطَوُّرِها في إطارٍ قصصيٍّ، وأنْ يُنْهى كلُّ درسٍ بنُبْـذَةٍ عنْ إنجازاتِنا الوطنيةِ وأبطالِـنا فيها. وفي الـمرحلةِ الإعداديةِ، يكونُ التَّوَسُّعُ ليشملَ الـمَنهجُ الأخلاقَ الرياضيةَ، وارتباطَها بالشخصيةِ السَّوِيَّـةِ الناجحةِ. ومن الـممكنِ تدريبُ الطلابِ والطالباتِ على العملِ الـميدانيِّ بوضعِ أسئلةٍ حولَ أهميةِ الرياضةِ، وآثارِها في تقييمِ السلوكِ وتحسينِ الأداءِ الدراسيِّ، يطرحونَها على ذويهم وأقاربِهِم. وفي الـمرحلةِ الثانويةِ، ننتقلُ إلى الـمجالِ الأرحبِ حينَ يشملُ الـمنهجُ دراسةَ هيكليةِ الـمؤسساتِ والهيئاتِ الرياضيةِ الوطنيةِ والدَّوليةِ، والنُّظُمِ التي تُدارُ بها. (2) هذه العمليةُ، يمكنُ أنْ تَـتِمَّ تَدَرُّجًا، فنبدأُ في سنةٍ مُحَـدَّدَةٍ بإقرارِ الـمنهجِ ضمنَ الـمناهجِ الدراسيةِ للصَّفِّ الخامسِ الابتدائيِّ، ثمَّ على الصفِّ السادسِ في السنةِ التي تَليها، وصولًا إلى الصفِّ الثالثِ الثانويِّ. وبذلك، نصلُ بعد ثماني سنواتٍ إلى صيرورةِ الرياضةِ منهجًا دراسيًا علميًا ذا جدوى فاعلةٍ ومؤثرةٍ في البناءِ الحضاريِّ والـمَدنيِّ لبلادِنا. كلمةٌ أخيرةٌ: رؤيتُنا الوطنيةُ لسنةِ 2030م، هي رؤيةٌ مُتكامِـلَةٌ، والرياضةُ أحد أركانِها التي ينبغي العملُ على الوصولِ بها نحو الكمالِ ما استطعنا.