10 سبتمبر 2025
تسجيلمع كل هذا التطور التكنولوجي الهائل والقدرة على التواصل والوصول إلى أي شخص في أي مكان في الكرة الأرضية، أصبح هناك ضغط كبير على الإنسان. فالإنسان اليوم، يعيش وسط ثورة وثروة من المعلومات والوسائط التي تمكنه من بلوغ أي هدف يطمح إليه. ولكنه سلاح ذو حدين، وضع الإنسان في سجن مصنوع من توقعاته وآماله، وتوقعات وآمال الناس. الإنسان اليوم مع هذه التسهيلات والقدرة على الوصول إلى أي شيء، أصبح يريد كل شيء، في هذه اللحظة، كل يوم! ويعزز من ذلك ظهور الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي على أنهم "مثاليين" وحياتهم "مثالية" من جميع الجوانب.. وبذلك أراد أن يكون مثلهم! عملهم يدر عليهم بالآلاف إن لم يكن الملايين.. أجسادهم رياضية ورفيعة.. أكلهم صحي ونظيف.. يتمرنون بشكل يومي.. ينامون جيداً.. لديهم هوايات متعددة يمارسونها أسبوعياً إن لم يكن بشكل يومي.. مقربين من عائلاتهم وأصدقائهم وحتى معارفهم! لديهم كل شيء، وهم كل شيء طوال الوقت! أصبح هناك ضغط من المجتمع والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمدرسة والعائلة والأصدقاء، أن يكون الشخص كاملاً ومثالياً ويستطيع أن يكون كل شيء وأي شيء طوال الوقت! أن يكون الشخص مثالياً وكاملاً هو أمر صعب ومرهق، إن لم يكن مستحيلا! لا وجود للمثالية والحياة الكاملة. يستطيع أن يحاول الإنسان أن يكون قريباً من عائلته وأصدقائه، ومهتماً بصحته النفسية والجسدية، وملماً بعمله، وممارساً لشغفه وهواياته، وفعل كل جانب من جوانب حياته بالوقت نفسه بالدرجة نفسها! ولكنه لن يفلح في ذلك! الأكيد أنه سيقصر في جانب ما، وهذا طبيعي. لا يستطيع أن يكون الإنسان كل شيء ويفعل كل شيء طوال الوقت! ولكنه يستطيع أن يحاول التخطيط والموازنة في جانب من جوانب حياته، وفي الوقت نفسه يُسامح نفسه إن لم يستطع أن يوازن بين كافة الجوانب في حياته! فذلك أمر صعب وتأثيره كبير على سعادة المرء! ما يستطيع فعله الإنسان هو أن يعادل كافة جوانب حياته. أن يقضي وقت العمل، للعمل، وعندما ينتهي منه ينساه ليركز على بقية جوانب حياته، كأن يرى عائلته، ويتواصل مع أصدقائه بشكل أسبوعي، وأن يتمرن عدة مرات في الأسبوع، وأن يحاول أن يطبخ لنفسه طعاماً صحياً في وقت فراغه، وأن يخصص ساعة في الأسبوع لممارسة هوايته المفضلة، ويوماً في الأسبوع للخروج والذهاب إلى السينما، وهكذا.. عبر التخطيط والموازنة، يمكن للإنسان أن يصل إلى أعلى درجات الإنتاجية في حياته، دون الحاجة في أن يهلك نفسه، أو أن يصل بنفسه إلى حافة الاحتراق والاكتئاب! لا يُفترض للإنسان أن يرغب أن يكون كل شيء طوال الوقت.. بل يُفترض به أن يرغب أن يكون هو نفسه، طوال الوقت وكل وقت! هذا ما سيجعل حياته ثرية بالرضا والإنجازات!