09 سبتمبر 2025

تسجيل

إنسانية الرياضة

13 أغسطس 2024

انتهت أولمبياد باريس لعام ٢٠٢٤ الأحد الماضي. ومثل كل البطولات الرياضية، لا تقل أهمية كسر الأرقام العالمية وفوز الدول بالميداليات الأولمبية عن أهمية اللحظات الثمينة الإنسانية التي يتم مشاركتها على ارض الملعب أو الحلبة أو الصالة الرياضية. فلا أحد منا مثلاً سينسى اللحظة التاريخية في أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠ عندما تشارك البطل القطري معتز برشم مع البطل الإيطالي جيانماركو تامبيري الميدالية الذهبية بفرحة كبيرة مؤكدين على صداقتهما وروحهما العالية والرياضية! ومن سينسى صدمة انسحاب سيمون بيلز للحفاظ على صحتها النفسية في طوكيو ٢٠٢٠؟ والكثير من اللحظات المماثلة التي لا تزال تقبع في ذاكرتنا من الألعاب الاولمبية وحفلات افتتاحها! وكالعادة، لم تخيب امالنا هذه الدورة من الألعاب الأولمبية، حيث زخرت بالعديد من اللحظات المميزة، والأبرز بالنسبة لي، كان فوز البطلة الجزائرية ايمان خليف بالميدالية الذهبية في الملاكمة، لتصبح اول امرأة عربية وافريقية وجزائرية تفوز بها! وقد استحقت ايمان الفوز بالذهب بعد طريق شاق وصعب حرص البعض على ان يكون ذلك عبر نشر الكذب حولها والتنمر عليها. ولكن اثبتت ايمان انها من صلب الجزائريين الشداد الذين لا يزيدهم التحدي سوى البأس والقوة، فتغلبت على منافسيها ومتنمريها بروح رياضية واخلاق عالية، تُشرف جميع الجزائريين والعرب، وأصبحت بطلة بالرغم عمن نشر الأكاذيب والاخبار المضللة عنها! واللحظة المميزة الثانية كانت فوز جوليان الفريد من الدولة الصغيرة سانت لوسيا بسباق ١٠٠ متر متفوقة على بطلة العالم والمرشحة الأبرز للفوز والملقبة «بأسرع امرأة بالعالم» الامريكية شكاري ريتشاردسون! طبعاً فازت شكاري ريتشاردسون في النهاية بميدالية ذهبية في سباق التتابع ٤X١٠٠ متر مع فريق الولايات المتحدة الامريكية. ولحظة فوز البرازيلية ريبيكا أندرادي بالميدالية الذهبية، في الجمباز الفني الأرضي للسيدات على منافستها الأشد الامريكية سيمون بيلز، ومن ثم اللحظة اللطيفة على منصة التتويج عندما انحنت الامريكيتان وصاحبتا المركز الثاني والثالث سيمون بيلز وجوردن تشايلز للبرازيلية في إشارة تقدير واحترام لها على فوزها الثمين، وحصول الثلاثة على اول منصة يُتوج بها بالكامل لاعبون من اصحاب البشرة السوداء. الرائع في الرياضة انها تذكرنا بإنسانيتنا دائماً، وتشدنا نحو الاخرين وتجذب الاخرين لنا.. لأننا مثل الاخرين نبتسم عند الفوز ونبكي عند الخسارة ونضحك عندما نخجل ونسارع لأحضان من نحب عندما نرغب في الشعور بالأمان، ونلوح لمن يشجعنا وننشد مع النشيد الوطني ونبحث في الجماهير عن الوجوه التي نعرفها. الرياضة هي أكبر من الرياضة.. هي تفاعل اللاعب مع رياضته ومع الجمهور، وتفاعل الجمهور مع اللاعب ومع بعضهم البعض. الرياضة هي فرحة دول بأكملها بسبب فوز لاعبها بميدالية ونشكر البطل معتز برشم على هذه الفرحة في هذه الدورة! الرياضة هي الاندهاش من سرعة يوسين بولت وارقامه القياسية التي لم تُكسر حتى اليوم. الرياضة هي الدهشة والتأثر والمشاركة والرغبة والجمال والدقة والسرعة وهي لا شيء بدون اللفتات الإنسانية والروح الرياضية العالية! وهذا هو الجميل في الرياضة وهذا ما سنذكره من أي رياضة او بطولة في المستقبل!