11 سبتمبر 2025

تسجيل

كي تتخطى عتبة الأمس

31 يناير 2017

حين يخضع كل وأي شيء نود البوح به للتعديل المُفرط؛ لتلحق به أمواج التغييرات والتعديلات، يضيع منا الكلام، ويصبح الفرار بعيداً نحو الصمت هو أفضل القرارات التي نُقدم عليها، وللأمانة نجده ما يُجدي أحياناً ويكون مفعوله كالمُسكن الذي يُدرك كيفية تهدئة الأمور، ولكنه يفقد كل مظاهر العز والجاه التي تمتع بها بمجرد أن يزول مفعوله؛ ليعود الوضع إلى ما كان عليه، ونعود نحن أيضاً ومن جديد إلى نقطة البداية، حيث ذاك الذي كنا نفكر بالبوح به، ولأننا لا ولن نستطيع فعله بسبب مطاردة ذاك التعديل فإننا نعيش تفاصيل ذات المشهد الصامت، الذي يفرض علينا حياة صامتة وشاحبة، فهذا يفعل ولا أحد يدرك ما يفعله، وذاك يقول ولا أحد يدرك ما يقوله، وهنا يحدث ما يحدث ولا أحد يملك القدرة على التعليق، وهناك أيضاً يحدث الكثير غير أن الصمت هو سيد الموقف، الذي يتحكم في كل شيء، ويقسم بأن يظل على حاله حتى نتجرأ عليه، ونُقرر التحدث بعيداً عن أي شيء يمت للتعديل بصلة، وبكلمات أخرى: فإن كل ما نحتاج إليه هو التحدث وإطلاق كل ما في جعبتنا طالما أنه يتمتع بالمصداقية، وتُغلفه مشاعرنا النبيلة، التي ستؤكد للمتلقي ما نود التحدث عنه.في مرحلة (ما) من مراحل الحياة ستشعر بأن مجرد إخراج ما في جعبتك سيعود بأثره الطيب عليك وسيمُدك براحة لا مثيل لها، أما ما تفعله بنفسك ولنفسك من كبت تفرضه عليك ويكون من خلال ترك كل شيء للتأجيل — الذي تُعلق على رقبته الكثير من الآمال — فهو ما لن يضر سواك، كما أن سرعة إطلاقه لن تفيد سواك أيضاً، ويبقى السؤال: متى ستفعل وتُخرج كل ما لديك فتُحرره دون أن تُعدله وتُبالغ في ذلك؛ ليمضي في سبيله؟لا شيء أجمل من أن تكون بسيطاً، وحين أقول بسيطاً أعني أن تكون كذلك مع ما يستحق بأن يُقال فعلاً، وتريد تحريره لكنك تُلزم نفسك بغيره مما لا ولن يصل بك إلى أي مكان سوى ذاك الذي ستنام؛ لتستيقظ وتجد نفسك فيه مع حفنة من أحلام الأمس، التي كان من الممكن بأن تتحقق وتكون لك في هذا اليوم، غير أنه ما لم يكن؛ لأنك صرفت كل ما تملكه من طاقة على التعديلات والتغييرات التي أردتها، وانصرفت بسببها بعيداً عن الهدف الأساسي من هذه الحكاية، ألا وهو قول ما تريد كما تريد، وحتى تفعل يا عزيزي أتمنى لك وللجميع كل التوفيق.