09 سبتمبر 2025

تسجيل

تلك المساحة الممتدة بينهما

06 أغسطس 2024

من الطبيعي أن نتفاعل مع الأحداث التي تدور من حولنا، ولكن ما يخالف تلك الطبيعة هو أن نمتطي صهوة العجلة؛ للرد دون أن نتريث؛ لندرك الموضوع من كل الزوايا، ونخرج بنظرة شاملة وفاحصة تُمكننا من اتخاذ القرار الصائب، الذي سيُبعدنا عن كل المصائب حتى من قبل أن تكون. والحق أننا بحاجة ماسة للتريث، فهو ما يمنحنا الفهم العميق والنظر الدقيق للأمور، فيمكننا ومن خلاله تجنب الكثير، وكسب ما هو أكثر ويمكن أن ينصب في صالحنا؛ لينتهي بنا المطاف ونحن على رأس بداية جديدة تليق بنا. لقد بدأت مقالي اليوم وبهذه الكلمات تحديدا؛ كي أسلط الضوء على تلك الزمرة التي تخالف الطبيعة مع أي أمر يطرأ على حياتها؛ لأنها وبكل بساطة تعتنق (العجلة) في أمورها دون أن تتريث أبدا، حتى وإن كان الأمر يتشبث بأطراف ثوب سرعان ما ستمزقه الظروف؛ لتنكشف حقيقة ذاك الخطأ الفادح الذي وقعت فيه، وهو نبذ التريث، واتخاذ القرارات السريعة، التي ستجرها نحو ما لا يُحمد عقباه، والحق أن بلوغ تلك النهاية سيُعقد الأمور، وسيتطلب معالجة مختلفة تماما، لا شك أنها ستتطلب المزيد من الوقت والجهد؛ لترجع بخطواتها ومن جديد إلى نقطة البداية، دون أن تُنجز أو تتقدم بما يمكن أن تضيفه إلى رصيدها. لن يغيب عن أي متابع لهذا العمود، أني حريصة على ذكر هذه الكلمات في مختلف المناسبات: (الحياة أخذ وعطاء، ومن الطبيعي أن ما يخرج منا يعود إلينا)، وعليه فإن الالتزام بمهمة تطوير مجتمعنا وتنميته من خلال تطوير أفراده، هي المهمة التي نقوم بها بين الحين والآخر، ولأني جزء من هذا المجتمع فلابد وأن أخصص (التالي) لتلك الزمرة: لابد وأن نجتهد؛ كي يكون التريث صفة راسخة في النفوس، فوحدها هذه الصفة ما ستُمكننا من رؤية كل ما يدور من حولنا كما يجب، ودون أن يشوب تلك الرؤية ما يحجب حقيقتها؛ لنُبادر ومن بعد باتخاذ ما يُناسب الموقف الذي نعيشه. لقد كان ما سبق وأن ذكرته لتلك الزمرة، أما التالي فهو ما سيكون لك وحدك فإليك: يا عزيزي لك أن تجرب اليوم كل ما سبق ذكره مع أي موقف تمر به، فقط (تريث) وخذ نفسا عميقا، ثم فكر بالأمر من أكثر من زاوية، عاود الكرة مرة أخرى، وتمتع بثمرة تلك اللحظات التي ستقطفها وفيها من الخير ما يمتد حتى (اللب)، وحتى يكون لك كل ذاك الخير، كن بخير. هناك المزيد لا يخفى على العالم كله ما مررنا به في الآونة الأخيرة من أحداث كثيرة وصعبة وَعَدت بأخذ مساحة لا يُستهان بها، ولن يسمح لها الزمن بالمضي قدما وكأنها لم تكن أصلا؛ لأنها تمسنا وتمس القضية الفلسطينية وكل من يجاهد في سبيل الله، ومن ثم الفوز بالنصر، الذي وإن قيل عنه الكثير فيكفي أن نُدرك أن كلمة الله هي الحاسمة فهو من قال (ألا إن نصر الله قريب) صدق الله العظيم. (النصر) يظهر ويتجلى في العديد من الصور، وما يحسبه البعض خسارة هو وفي حقيقة الأمر ذاك المكسب الحقيقي، الذي سندركه فعليا ولو بعد حين. منذ أسبوع مضى خسر العالم (إسماعيل هنية) رحمه الله وغفر له، والحق أن من يحسب أن النهاية قد رَفَعت الراية برحيله هو من لا يُجيد الحساب أصلا، فالقضية مستمرة وإن طال الزمن، والنصر قادم وإن عطلته الظروف، التي ستتلاشى خجلا أمام صمود الأرض وأهلها ممن سجلوا قصص صبرهم بالدم، الذي بُذل في سبيل الفوز بالنصر، وسيكون لهم بإذن الله وإن كان ذلك بعد حين. همسة قد يفرض عليك الواجب أن تتريث قبل أن تطلق الأحكام أو تصدر القرارات، وقد يُرغمك على بذل المزيد من الصبر، وقد يُرهقك الوقوف على ظهر تلك المساحة الممتدة بين الواجب الأول والثاني، ولكن يكفيك من كل ذلك أن تدرك أن ما تفعله هو الصواب، وما يجدر أن يكون فعلا، وعليه فلتبدأ من هذه اللحظة، وليوفقك الله.