12 سبتمبر 2025

تسجيل

خذ العبرة مما سبق

14 أغسطس 2024

هل تُدرك ذاك الشعور الذي يُلازمك كل الوقت ويُلزمك على التطرق إليه حتى وإن طَرَقت أبواب حياتك قضايا أخرى، مهمتها صرفك عن مجرد التفكير بما سبق، والانصراف بعيدا حيث لا يجدر بك أن تكون من الأصل، غير أن ما تشعر به يراودك مجددا ودون توقف؛ ليتقلص كل ما يدور من حولك ويمضي على استحياء وإن كان ذلك على مضض، (نعم) هو ذاته ما يشعر به قلمي الآن؛ لأن ما حدث فجر السبت الماضي في غزة وعُرف بـ (مجزرة الفجر) لا ولن يغيب عن الأذهان أبدا، فالمشهد مُرعب ويهز القلوب والعقول، التي لن تقبل إلا بالرحمة. نحن نتحدث عن أصحاب الأرض، الذين فقدوا كل شيء، وعلى الرغم من ذلك يملكون من الأمل ما يجعلهم أكثر صبرا وقوة منا. وماذا بعد؟ إن متابعة ذاك المشهد يُعد من الأمور التي يشق على النفس تحملها، فكيف بمن عاشها جملة وتفصيلا على أرض الواقع كواقع يُفرض عليه بين الحين والآخر؟ ليفقد في كل مرة عزيزا يعز عليه فراقه؟ نحن وحين نفقد عزيزا نشعر وكأن الدنيا قد بدأت بفقد ملامحها؛ لنمضي دون أن ندرك الوجهة التي ستحتضن ذاك الشتات، فكيف هو الوضع ومن تدق الساعة كل ساعة؛ كي تُعلمه برحيل قطعة من قلبه حتى لينتهي به الأمر دون قلب يتحمل ما يحل به؟ لست هنا؛ كي أخوض تفاصيل ذاك المشهد المُرعب، الذي تناوله الإعلام في كل بقاع الأرض؛ لأنه وبكل بساطة يفوق قدرتي على ذلك، ولكني هنا؛ كي أتقدم بما فيه من العزاء ما يمكن أن يمسح على كل قلب عظيم، سبق له وأن ودع من كان في أمان الله وأصبح في جواره وتحت رحمته: أنت خير خلق الله، وخير من يعلمنا الصبر والثبات، والدليل أنك لازلت شامخا على أرضك التي لن تقبل وترضى بسواك على ظهرها، وما يحدث لك ولمن تحب حتى وإن قذفك نحو مراحل يصعب على المرء تقبلها وتحملها سيظل كوسام شرف لن يعتلي سوى صدرك، فالصبر الصبر؛ لأن النصر قادم لا محالة. وما صبرك إلا بالله كنت قد حضرت مقالا مختلفا لهذا الأسبوع، ولكن ما حدث أكبر من أن يتم تأجيله (فهو ما يستحق أن يكون مني ومن سواي)؛ لذا خذ العبرة مما سبق، وتمسك بما تبقى من هذا المقال حتى ألقاك في المرة القادمة يا عزيزي، وفيه التالي: لا تفزع إن وقع على رأسك أي ظلم ممن يفوقك بما يملك؛ لأنك من ستتفوق عليه بما تملك، ويكفيك أن تتباهى بما يجوب أعماقك من الصبر، فوحده الصبر ما يتميز بصلابة ستجبر كل مصيبة على التنحي جانبا؛ لتمضي وتصل حيث يجدر بك أن تكون، وتذكر على الدوام أن ما يعيشه (أهل غزة) أقوى وأقسى من بعض التجارب التي تمر بها حتى وإن كانت مريرة، وعليه تحمل واصبر وما صبرك إلا بالله، وأخيرا: كن بخير.