10 سبتمبر 2025

تسجيل

الدنيا مازالت بخير

31 يناير 2012

"الدنيا مازالت بخير"، كلمات نرددها دوماً حين نعيش موقفاً يُبشر بكل الخير، رغم أنه يطل من جوف الشر، ويطل رغماً عن أنفه، والحق أنه لا يمكننا إنكار كثرة تلك المواقف، التي تأخذ موقعها من الواقع بين الحين والآخر، وإن كانت المسافة بين كل حين وحين تتجاوز "الكيلو فترات"، وهي وحدة قياس رمزية ترمز لبعد المسافة، التي تقلصت منذ فترة حين جلبت لنا موقفاً أجبرنا ومن جديد على ذكر هذه الكلمات "الدنيا مازالت بخير"، وهي تلك الكلمات التي ذكرناها حين خجل الشر، وذبل أمام زهرة الخير، وهو تماماً ما حدث مع "الطفلة"، ولربما يُقلب قلوبكم هذا السؤال: ومَن هي الطفلة أصلاً؟ قصة الطفلة ليست بجديدة على مَن سبق له وأن تابع صفحة الزاوية الثالثة يوم السبت الماضي، واطلع على فقرة "فضفضة" وقصة أم سعد التي كانت تحت عنوان: "شيطان اسمه الغيرة"، وهي القصة التي روتها لنا تلك السيدة التي مارست بعض طقوس الشر مع طفلة صغيرة لم تكن لتتجاوز السابعة من عمرها، ولذنب عظيم في نظرها، وهو أنها ابنة زوجها والمرأة التي أحبها من قبل، ولكنها فارقت الحياة، فكان وأن تركت ثمرة حبهما أمانة لا بد وأن يحافظ عليها الزوج، الذي خاف من تلك المهمة ولجملة من الأسباب "الخاصة به ولا يدركها سواه"، قرر مقاسمتها وزوجة جديدة، تأمل بأن تكون الأم المثالية لطفلته، ولكنها لم تكن كذلك "ولحين من الزمن"، حان موعد زواله حين شعرت تلك الزوجة بمدى ظلمها الذي أوقعته على تلك الطفلة التي ما كانت تنبس بأي حرف من الحروف سوى ما استخدمته؛ لتكون به هذه الكلمات "شكراً أمي"، التي كانت تقابل بها أفعال أم سعد القاسية؛ لتكسرها بتلك العذوبة التي كللتها، وتلك البراءة التي تغنت بها، وهو كل ما أثر وبشكل غير مباشر بأم سعد، حتى ذبل شرها تماماً حين واجهت موقفاً وتلك الطفلة جردها من رداء القسوة، واظهر إنسانيتها التي ضاعت بين طيات ذاك الرداء ولفترة من الزمن كان من الممكن بأن تَتَسبب بمصيبة حقيقية لتلك الصغيرة، ولكن شاء الله بألا يكون ذلك، لحكمة لا يدركها سواه. إن تجاوب أم سعد والموقف الذي دار بينها وتلك الطفلة جعلها تدرك أن الله حق، وجعلها وبحكم الإنسانية التي تتمتع بها "ولحسن الحظ" تتمرد على شرها، وتعود بخطواتها إلى الصواب؛ لتعوض تلك الصغيرة، وتهتم بها بدلاً من أن تتهمها بذنب لا يُعد ذنباً من الأصل، فكان وأن عبرت عن أسفها الشديد، وطلبت السماح وفي العلن من تلك الصغيرة عن الظلم الذي أوقعته عليها في السر، من خلال روايتها لقصة ندمها عن كل ما فعلته بها؛ لتكشف للعالم بأن المعركة التي تدور بين الخير والشر لاشك ستنتهي لصالح الخير، فيتأكد لنا وفي نهاية المطاف من جديد بأن "الدنيا مازالت بخير، وأن الخير لن يزول عنها أبداً". مما لاشك فيه أن هذه الطفلة ليست الوحيدة التي تعرضت للظلم في هذه الدنيا، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يتعرضون له Twenty four seven، ويحتاجون لمَن يدعمهم ويؤكد لهم أن الدنيا مازالت بخير، وفي المقابل هناك الكثير من أمثال أم سعد، ممن يظلم ويقهر، ولكنه وفي النهاية يدرك حجم الذنب الذي اقترفه، ويعود إلى الله؛ ليُكَفر عن ذنبه، وهنا يجدر بمَن حوله السماح لذاك الخير الذي صدر عنه، بأن يستمر فيه، دون أن يقطعه أو يقطع عليه الطريق فيقبع في صدره، ويعود بخطواته لشر تمكن منه من قبل. لقد تلقيت الكثير من الرسائل كرد على القصة التي روتها أم سعد، ولن أخفي الحقيقة، ولكن جاء الكثير منها بلغة تجاوزت صوت العتب والتوبيخ، رغم أن تلك السيدة قد أظهرت أسفها الشديد على صدر صفحة الزاوية الثالثة من جهة، وعلى صدر الرسالة التي أرسلتها بعد نشر القصة من جهة أخرى، والتي كتبت فيها عن نمط الحياة التي تعيشها وتلك الصغيرة البريئة، وأقسمت بأن تجعلها أكثر جمالاً وطهارة؛ لتقربها من الله، وما جنته من ذاك القرب من راحة بال، وطمأنينة، وإنه الحق ووحده الحق ما يدفعني لإخبار القراء عن هذه الحقيقة، وعن هذه السيدة التي كان من الممكن أن تبتلع تلك الحقيقة، فلا يدركها وأمر تلك الصغيرة أي أحد سوى الله. وأخيراً مَن منا لا يخطئ؟ مَن منا لم يظلم أقرب الناس إليه وإن كان بهين يحسب أنه كذلك؟ من منا صفحته بيضاء كما كانت حين ولدته أمه؟ وفي المقابل من منا تمكن من الاعتذار لمن ظلمه على الملأ؟ فكروا ملياً، ويكفي أن تكون الإجابة منكم ولكم، وليوفق الله الجميع. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]