12 سبتمبر 2025

تسجيل

2016

30 ديسمبر 2015

يجب أن نحلم، فالحلم هو آخر الدواء لركّاب القطار، ولهذا نحن لا نبحث عن زمانٍ نعيبه، بقدر ما نبحث عن زمانٍ آمن، صالحٍ للحلم، وهذا ما نتوسّمه في العام الجديد.لم تعد تروقني فكرة رأس السنة؛ فمنذ وقتٍ صارت فكرة الرؤوس ترعبني، الرؤوس التي تأتي أوّلاً ثمّ تُحزّ بدم بارد، كلّ هذه السنين كنت في آخر كانون أتصوّر سيّاف الوقت يقطع الرأس القديم، ويركّب مكانه الرأس الجديد، كان المجاز لطيفاً، قادراً على سدّ نفقات الكتابة، ولم نكن ندري أن المجاز سيتحوّل إلى حقيقة، ومن يوم عادت الرؤوس على أطراف الرماح توقّفت الأمة عن الأحلام، مادامت الرؤوس الحالمة، كرات قدم تتدحرج في الطرقات.يغادرنا العام 2015 خجلاً من آمالنا وقد نفضها عن كاهله، وذهب هناك إلى استراحة التاريخ مغمضاً عينيه على ذكريات ثلاثمائة وستين يوماً من الموت والدمار والذلّ، ولكنّه كان حلقة في سلسلة، وكما أنه ليس الأوّل فإنه ليس الآخر، وستتلوه أعوام بعدها أعوام، تأخذنا إلى عامنا الأخير الذي "فيه يُغاث الناس" وفيه تُغاث البلاد.فيا 2016 يا عامنا الجديد(لاتزعل منّا) إن لم تكن حفاوتنا بك كبيرة، ولكن لا تخش على حصّتك، وثق أنك ستأخذ حصتك مضاعَفة، نحن قومٌ نتغنّى بالحزن، ونعرف معنى التشبيه البليغ، والأغاني المشدودة إلى خاصرة الحزن، سيكون لك نصيبك من الموتى والنازحين، وبنود الاتفاقيات العابرة، والصحون المرتّبة بعناية في فنادق النجوم الخمسة.2016الربيع للشباب؛ زهرة الدم، وأوزون الحياة العابرة، الليالي المقمرة، والقصائد العذبة، كتُبت على عجل، وقرئت مرّة واحدة، وعادت إلى البحر، والصيف للساسة والتّجار، القاطفين ملء سلالهم العناقيد والعذوق، والتراب، والشتاء للأيامى والأرامل واليتامى: يجلسون إلى نار الذكريات والأمل، ويسقفون بيوتهم بانتظارٍ وحيد، لقادم ما.**وأمّا الخريف؛ فلنا نحن، نحن الشعراء والكتاب، على تلك التلّة الطالعة بين نارٍ تدفع لكتابة الحقّ، وأخرى تغري وتغوي وتخيف، وبين الشتاء والصيف تنكتب نصوصٌ مغلّفة بسيلوفان البلاغة، فخادعت إلى حين، وحاذرت إلى حين، ولكنّ القصيدة بعيدة، هناك حيث الربيع الذي يفصله عنّها صيف فات وشتاء قادم.