15 سبتمبر 2025
تسجيلأن نعيش من أجل الغد يعني أن نعيش هذا اليوم، الذي بدأ التفكير به منذ الأمس، ما يعني وبكلمات أخرى أن الحياة دورة ممتدة تبدأ حين يشاء الله لها ذلك وتنتهي حين يأمر بذلك أيضاً، والطبيعي أننا وبين الحين والآخر نفكر بـ (سر) وجودنا فيها أي هذه الحياة؟ ونكرر السؤال الذي نجد له وفي كل مرة إجابة جديدة تجعلنا نمضي قدماً دون أن نفكر بالتوقف أبداً، وكأن آخر إجابة نتوصل إليها في كل مرة تحمل كتلة من (النشاط) الذي يجعلنا نمضي ونريد فعل ذلك وبكل قوة؛ كي ندرك ما نريده وإن لم نكن لندركه من الأصل، ولعل ما نشعر به ونحن نفعل ذلك هو تحسس هذه الكلمات (لابد وأن تمضي الحياة)، التي تتكرر كثيراً ونسمعها في مناسبات مختلفة حين تُوجه لكل من يغيب عنه النشاط أو الوقود الذي يجعله يمضي في حياته؛ لأسباب قد تختلف وقد نختلف عليها، ولكنها تتحكم بنا وإلى حد ما، حتى نقرر غير ذلك، وتحديداً حين نقبل بـ (التغيير)، الذي نحتاج إليه بل ونطالب به في هذه اللحظات، التي يجدر بنا تسخيرها لتغيير مؤشر التفكير والهروب به بعيداً عن (التفكير السلبي)، الذي يجعلنا نتوقف عند محطة نحسب بأنها الأخيرة؛ لأننا نصدق بأنها كذلك، في حين أنها ليست كذلك بتاتاً، فما هي سوى بداية لحياة أجمل وأفضل بإذن الله تحتاج منا إلى البحث عنها من خلال المضي قدماً دون التوقف ولأي سبب من الأسباب.أحبتي: حين نتحدث عن الأسباب التي تجبرنا على التوقف عن متابعة حياتنا والمضي قدماً، نشعر بما يُقيدها الكلمات، التي تعجز عن الخروج بالسبب الذي يجبرنا على التوقف ولحين من الزمن، والذي ومن الممكن بأن يكون موقفاً سبق لنا وأن تعرضنا له، أو خسارة كبيرة لا نستطيع تغطيتها، أو أي سبب يدركه كل قلب منا، وإن لم يصرح بذلك، وما سأقف عليه وقفة صادقة من بين كل ما قد تم ذكره هو الحديث عن (الخسارة الكبيرة)، التي لا يمكن بأن ينجو منها أي أحد، فهي مكتوبة ولابد لنا وأن نتعرض لها، وتكون حين يرحل عنا من نحب، ونشعر بفراغ عظيم يكون حين يكون الفراق، الذي وإن لم نتقبله إلا أننا ندرك ومن الأعماق بأنه القدر الذي قدره الله لنا، ولا مفر منه أبداً؛ لذا فلابد لنا وأن نتقبله فهو ما يجدر بأن يكون.سر هذه الكلمات؟لعل ما حَمَلَني على التطرق إلى موضوع (الخسارة) التي تبدأ بمجرد أن يكون الفراق، هو معرفتي التامة بحقيقة: أن في حياة كل واحد منا شخصية تؤثر به كثيراً، تحبه وتهتم به كل الوقت، تشاركه أفضل لحظات حياته دون أن تخذله مهما كانت الظروف، مما يخلق رباطاً لا ينفك وثاقه بسهولة، ولكن ومتى كان ذلك كانت الصدمة الحقيقية، وتدهورت الصحة النفسية والجسدية، وتراجعت خطوات المرء منا إلى الوراء حيث دائرة الذكريات التي يجدر به تجاوزها بدلاً من التمسك بها وكأن الحياة تُبث فيها فقط، فهو الاعتقاد الخاطئ الذي سيجبره على البقاء هناك أي حيث هو دون أن يقبل بفكرة الخروج والعودة؛ لمتابعة حياته والمضي قدماً نحو ما ينتظره بعيداً عنها تلك الدائرة، ويمكن بأن ينجزه؛ تعبيراً عن حبه لذاته وكل من يحبه وسبق له وأن خسره.عن الغديوم غد هو اليوم الذي سيطبق صفحة العام الثاني على وفاة والدي رحمة الله عليه، الذي شعرت وحين رحل عنا، وكأن خسارة عظيمة قد حلت على رأسي، ودونها تلك المقدمات وجدتني وقد دخلت دائرة الذكريات، التي كانت بالنسبة لي كـ (دائرة أحزان) خسرت معها الكثير، ولاعتقادي (بسببه الحزن المطلق حينها) بأنه الطبيعي الذي يعيشه أي إنسان يمر بمحنتي تلك، فلقد قبلت بأن أظل حيث أنا، وأراها كل تلك الأحلام التي رسمتها مع والدي رحمة الله عليه وهي تسير في اتجاه آخر مبتعدة عني، ولا نية لها بالعودة إلي، وما ساعدها على ذلك هو أني لم أكن لالتفت إليها بتاتاً، بل على العكس قبلت بأن أظل حيث أنا أي وسطها دائرة الأحزان تلك، التي وحين فكرت ملياً أدركت بأنها ليست الحياة التي أرادها لي والدي الحبيب، خاصة وأن ما كنت عليه كان يسلبني كل شيء كنا نحبه معاً، كهذه الحياة الجميلة، التي قدرها الله لنا، وكللها بالكثير من النعم الرائعة، التي يجدر بنا التمتع بها، وشكر الله عليها؛ كي يُكرمنا بغيرها.وماذا بعد؟كنت قد ذكرت في البداية (دائرة الذكريات) ثم ملت بكلماتي نحو (دائرة الأحزان)، والفرق بينهما كمساحة شاسعة جداً لا يمكن بأن تجمعنا في ذات الوقت، فالدائرة الأولى تجمعنا بكل اللحظات القلبية التي سبق لنا وأن عشناها ومن نحب، ضمن سلسلة من الأحداث، التي ستُضحكنا تارة، وستُبكينا تارة أخرى وسط جملة من المشاعر الصادقة التي ستروي القلب كلما تأججت فيه، بينما ستحرص الدائرة الثانية على أن نخلص للحزن حتى نخسر كل الأشياء بما فيها حياتنا، بعد أن يقضي علينا ذاك الحزن، الذي لا أريد لأي واحد منا بأن يخضع له ويتأثر به (اللهم آمين). إن الحديث في موضوع كهذا يُجبر مزاجيتي على التقلب، وهو آخر ما يمكن بأن أفكر به، فكل ما يشغلني الآن هو تقديم هذه النصيحة لكم أيها الأحبة وهي: لا شيء يثير الحزن سوى خسارة من نحب، ولا شيء يُنكث الوعود التي قطعناها من أجلهم سوى توقيعنا على عقد (إنهاء حياتنا) من خلال تقبل فكرة الدخول إلى (دائرة الأحزان)، التي لن تمدنا بشيء ولكنها ستأخذ منا الكثير من الأشياء، التي سنُحاسب عليها حين يكون الحساب، وعليه فلنتذكر من نحب بمتابعة كل ما قد بدأناه معهم حتى نُنهيه على خير وجه؛ تعبيراً عن حبنا لهم ولنا. وأخيراً: رحمك الله يا أبي وأسكنك فسيح جناته، يا معلمي الأول (اللهم آمين).