15 سبتمبر 2025

تسجيل

وكان لنا على أرض الكنانة لقاء

30 ديسمبر 2010

إننا جميعا ندرك حقيقة أن الحياة مراحل وأحداث نحياها بكل مافيها، من أيام جميلة.. وأيام مؤلمة.. وأخرى بلا ملامح.. نعيش بين حل وترحال في المكان والزمان الذي قدر لنا أن نحيا فيه.. وحين يتوقف أحد قطارات حياتنا في محطة من محطات الوصول، نجد أنفسنا مرغمين على أن نغادر ربما لأن محطته القادمة ليست هي مبتغانا.. أو ربما لأنه علينا أن ننزل في هذا المكان ونواصل حياتنا.. في أثناء رحلتنا تلك نلتقي بأناس ونترك آخرين.. فهذا راكب جديد.. وذاك الذي كان يجلس بجانبنا يغادر وهكذا.. تلك هي سنة الحياة.. وعلى أرض الكنانة قدر لنا أنا ومجموعة من زملائي الطلبة أن نكون في رحلة دراسة قاربت العامين.. عشنا فيها أياماً لن تنسى عشناها بحلوها ومرها وبكل مافيها من أحداث ودراسة وإيقاع حياة سريعة لايمكن أن تمل.. في أيام تواصل فيها نهارنا مع ليلنا.. إلتقينا بأساتذة كبار رسموا بعلمهم وعطائهم وتعاملهم معنا أجمل اللوحات، فذاك يعاملنا كأبنائه حتى شعرنا حقاً أنه أب يغمر أبناءه بحبه ورعايته.. وهذا يرشدنا ويوجهنا حتى نشعر بأنه ذلك المنقذ الذي لاتفلت يده أيدينا حتى يوصلنا لبر الأمان.. وتلك أستاذة تركت بحرصها علينا ونصحنا وارشادنا والتخفيف عنا من عناء الغربة وفراق الأهل تركت لنا أجمل اللمسات الحانية التي لاتنسى.. وبين زملائي الطلبة كانت لي أجمل الذكريات..عشنا معاً أياماً جمعتنا فيها قاعات المحاضرات والدروس ونادي الطلبة القطريين ومعالم مصر وشوارعها ومطاعمها.. درسنا معاً وضحكنا معاً وبكينا معاً.. وكنا عوناً لبعضنا البعض في كل صغيرة وكبيرة.. جمعتنا بهم ذكريات سطروها في صحائف قلوبنا.. فمن منا يمكن أن ينسى كيف كنا يداً واحدة.. وقلباً واحداً في أجساد متفرقة.. حتى عشنا معهم معظم تفاصيل الحياة.. كنا نتفق في كثير من الأوقات معاً.. وحين نختلف سرعان ماتردنا أيامنا الجميلة لنتصالح ونتصافى كما كنا من قبل.. بل وأكثر. على أرض الكنانة أرض العراقة والحضارات والآثار والعلم والمعرفة والثقافة كان لقاؤنا.. وكانت ذكرياتنا.. وها نحن نستعد للإمتحانات النهائية لمرحلة الماجستير.. لنلملم أوراقنا بعدها خلال أيام معدودة.. ونجمع معها كل ذلك الرصيد من الذكريات والأيام التي أصبحت جزءاً لايتجزأ منا.. ومضة: باقة إحترام وتقدير وعرفان لكل من علمنا حرفاً أو سكب في أكواب معرفتنا خلاصة علمه وخبرته وتجاربه بكل تفان وعطاء. وباقة إعتذار لكل من أخطأنا يوماً عليه أو قصرنا معه ولم نوفيه حقه.. وباقة عفو وصفح لكل من ترك في ثنايا قلوبنا جرحاً أو أبكانا يوماً.. وأجمل باقات الحب والوفاء لكل زملائنا الذين عشنا معهم ربيع أيامنا.. وأروع تفاصيل حياتنا.. ومن نقشوا بودهم ومشاعرهم الدافئة وقربهم منا أجمل الذكريات على جدران قلوبنا وأقول.. لإن كان لنا على أرض الكنانة لقاء.. فكلي أمل بأن تجمعنا الأقدار في الدنيا على ميعاد آخر.. وفي الآخرة على منابر من نور..