14 سبتمبر 2025
تسجيللا يخفى على أحد منا أن هذه الدنيا دار للابتلاء، وليست مكاناً للراحة والخلود، وكما يمتحن فيها المرء، فهو يرزق بمنح وعطايا ونعم، وتمضي الحياة هكذا.. تقلباً بين الأمرين وجمعاً بينهما، والعاقل فقط هو الذي يعي ويدرك حقاً معنى أن يصبر في الضراء، ويشكر في السراء مع استمرار الرضى بكل ما قسمه له الخالق جل، وعلى والتسليم الكامل بقضاء الله تعالى وقدره وهذا من تمام الإيمان. إن تفاصيل الحياة اليومية حتى البسيطة منها، مليئة بكل ما هو اختبار للمرء من فقد من نحب، أو الأمراض التي تصيبنا، وخلافات نتعرض لها حتى مع أقرب الناس حولنا، أو حتى ضيق الرزق، والطلاق أوالمشاكل الزوجية، وعصيان الأولاد وتمردهم، أو حتى ما هو أدنى من ذلك من زحام الشوارع، وما يعكر صفونا كل يوم في الطرقات، أو تسلط زوج أو حماة أو جار سيئ أو غير ذلك من المشاكل والابتلاءات التي يتراوح قدرها بحسب كل واحد منا. قد نصادف في حياتنا على سبيل المثال ابتلاء متشابها، ولكن لأفراد مختلفين، فنرى أحدهم يتعامل مع المصيبة أو الابتلاء بإيمان ورقي وإيجابية، بينما الآخر على العكس تماماً، قد نجده متذمراً متسخطاً دائم الشكوى والنحيب والعويل، وكأن لا أحد غيره قد أصيب بمثل محنته، فالتعاطي مع الحياة بابتلاءاتها من خير وشر "ونبلوكم بالخير والشر فتنة"، هو الجزء العظيم من التأدب مع الله تعالى في الدرجة الأولى، ومن ثم تأدب مع النفس واحترام لها وإعطاؤها حقها فالصبر نعمة عظيمة، أول فائدة له هي الهدوء والسكينة والسلام الداخلي والخارجي للمرء. ومضة:يقول طبيب في مستشفى الاحمدي بالكويت، من أغرب ما شاهدت مراجع عمره ٦٠ سنة لعيادة السكر، عندي كل مرة يراجعني يقول ـ مع ابتسامة كبيرة على وجهه ـ: الحمد لله يا ربي على نعمة السكّر، سألته مرة: عمي أنت غريب!! أول مرة أسمع أحد يُسمي مرض السكر نعمة"!! قال: يا وليدي السكّر نعمة، والسبب الله أعطاني مرض *ما فيه ألمْ* وكثير من الناس يتألمون من أمراضهم. الله أعطاني مرضاً في وقت *الطب أوجد له العلاج والدواء*، وكثير من الناس عندهم أمراض لا شفاء منها ولا دواء، والله أعطاني مرضا ليجعلني أراجع عند طبيب رائع مثلك. الله أعطاني مرض يجعلني *أراجع الطبيب كل أربعة شهور* فأتأكد من دمي وصحتي بشكل دوري.. الله أعطاني مرضاً *لأصبر وأشكر فتغفر سيئاتي وذنوبي من دون تعب وعناء*..وفي الآخر، يقول: الحمد لله أصبحت أصلي قيام الليل.. لأني أصحو مرتين أو ثلاثاً في الليل من السكّري. فالفضل لله ثم لمرض السكري.