13 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر 2022 مرآة للوجه المشرق للعرب

30 نوفمبر 2022

عندما فازت قطر بتنظيم بطولة كأس العالم 2022 راهن الكثيرون بعدم قدرة قطر على تقديم نسخة من هذه البطولة تضاهي مثيلاتها السابقة في العالم، ومرت السنوات وقطر تثبت في كل سنة أنها تخطو في الاتجاه الصحيح نحو تقديم ما هو أفضل من سابقاتها، وتخللت كل هذه المراحل الكثير من العراقيل والتحديات التي يعلم بها الجميع، وكانت قطر تنتظر من أشقائها العرب مزيدا من الدعم لخوض هذه التجربة العالمية العظيمة، ولكن لم تجد الدعم المطلوب من الأشقاء ولكنها راهنت على دعم الشعوب العربية، واعتمدت قطر على ذاتها في تحقيق أهدافها وأهَّلَت كوادرها الوطنية على مدى العشر سنوات الماضية من خلال الاستفادة من تجارب بطولة العالم في كل من البرازيل 2014 وروسيا 2018، ونجحنا في تهيئة كوادرنا الوطنية لتحمُّل هذه المهمة الوطنية، وكانت هذه البطولة فرصة كبيرة لتحقيق رؤية فطر 2030 في التطور والاستدامة لجميع جوانب الحياة في الدولة من بنية تحتية في كل المجالات الحيوية التي يحتاجها الإنسان القطري وبدأنا في تنفيذ مشاريع ركائز الرؤية التي تمثلت في الارتقاء بالبنى التحتية لكل من الاقتصاد والخدمات المجتمعية والسياحية والصحية، وغيرها، واجتازت كوادرنا الوطنية بهمتها العالية كل العراقيل والتحديات، بل اكتمل الاستعداد قبل انطلاق البطولة بعدة سنوات وظهرت بوادر النجاح تلوح في الأفق في وقت مبكر من البطولة. رسائل عديدة قدمتها البطولة للعالم انتهزت بلادنا وبتوجيهات من قيادتنا الحكيمة الفرصة في تقديم نسخة من بطولة كأس العالم تظل عالقة في الأذهان لسنوات طويلة وفي نفس الوقت تبعث عدة رسائل للعالم، وكان الافتتاح المبهر بحضور عدد من زعماء وأمراء من الدول العربية لترسل الرسالة الأولى وهي أن البطولة عربية مقدمة للعالم وكان التقاء الزعماء العرب الحاضرين للافتتاح ولقاؤهم في عاصمة الرياضة العالمية بمثابة قمة عربية مصغرة تتصافح فيها الأيادي بالسلام والأمن وتبادل الود والمحبة، وتم الافتتاح بآيات من الذكر الحكيم لتسجل قطر أول بطولة عالمية يتم افتتاحها بالقرآن الكريم. وكان للفقرات التي قدمتها في الافتتاح الوقع والتأثير المعنوي والإيجابي على كل من شاهد هذا الحفل المبهر، وكل فقراته عبارة عن رسائل يتم بثها إلى جميع أنحاء العالم وهي تحمل سماحة ديننا الحنيف ومكارم الأخلاق التي تعلمها المسلمون من رسول المحبة والأخلاق سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم. وكان لتفاعل الجماهير من مختلف الجنسيات مع ما تقدمه قطر للعالم أكبر دليل على نجاح قطر في تنظيم البطولة وإبرازها بأنها ليست مجرد بطولة في كرة القدم بل هي تلاحم شعوب العالم ونشر السلام والأمان فيما بينهم، لذلك رأينا المكسيكي يأكل تمرا ويحتسي القهوة العربية، والبرتغالي وهو يكتسي الثوب القطري والسويسري يعدل في الشماغ لآخر بولندي، وكذلك انتصار السعودية على الأرجنتين، وجمهور البرازيل يغني بالعربي (ميسي وينو) وأمريكيات معجبات بمشجع قطري وعلم السعودية يرفرف وسط جماهير المنتخب الإيراني، مما تعبر كل هذه الإثارة والحماس عن أحلام العصر الذي تتمناه كل شعوب العالم في أن يسود الود والحب فيما بينهم وتماشيا مع ما تنادي به جميع الأديان والمعتقدات في بث روح المحبة والوئام بين شعوب العالم. تلاحم عربي غير مسبوق وكان لصوت الشعوب العربية وفرحتها وفخرها بتنظيم قطر لهذه البطولة وتفاعلهم مع الفعاليات المصاحبة للبطولة رسالة سامية للعالم بأن شعوبنا العربية متلاحمة وكان لا يهم أي قطري أو عربي أن ينتصر فريقه في المباريات لأن مشاركتهم فرحتنا وانتصارنا في التنظيم غطى على مجرد انتصار فريق كرة قدم وتعداها إلى ما هو أكبر من ذلك، وفي كل اللقاءات التي تجريها القنوات الرياضية مع الجماهير كانت سعيدة وهي منتصرة وسعيدة أيضا بنفس القدر وهي مهزومة في المباراة، وهذا الشعور والإحساس لم يأتِ من فراغ إنما يدل على نجاح بلادنا في إسعاد كل الجماهير الحاضرة للبطولة مما وجدوه من إمتاع في فعاليات البطولة، وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بإشادة الجماهير والشعوب العربية بالمتعة التي وفرتها الدولة من خلال البرامج المصاحبة للبطولة ولاقت الاستحسان والإعجاب. قطر استطاعت أن تقدم نموذجاً حياً للثقافة العربية والإسلامية بكل تأكيد تثبت فعاليات البطولة يوما بعد يوم أن ثقافتنا وعاداتنا العربية والإسلامية بدأت تصل إلى شعوب العالم الحاضر للبطولة والمشاهدين خلف الشاشة في مختلف مناطق العالم، وبدأت هذه الشعوب تتعرف عن قرب على عاداتنا وثقافتنا السمحة، وفي كثير من اللقاءات الجانبية لهذه الجماهير كان الاندهاش يعلو وجوههم مما شاهدوه على أرض الواقع في مستوى التنظيم الجيد وتوفير المتعة طوال أيام البطولة، ويقول البعض منهم إننا سمعنا عن المسلمين والعرب وعاداتهم من خلال إعلامهم بوجهة نظرهم الغربية، وعندما أتوا إلى هنا وجدوا صورة مختلفة عن الصور التي نقلها لهم إعلامهم، مما يدل ذلك على أن قطر نجحت في تقديم الصورة الحقيقية لعاداتنا الخليجية العربية والإسلامية على أكمل وجه وما زالت فعاليات البطولة تقدم المزيد من البرامج المميزة التي تعكس هذه الأخلاق والثقافات العربية وتقدمها للعالم في قالبها الحقيقي المعاش. كسرة أخيرة يعتقد الكثيرون أن قطر أنفقت أكثر 200 مليار دولار على مرافق بطولة كأس العالم، ويخفى عليهم أن قطر أنفقت ربع هذا المبلغ فقط في مرافق كأس العالم مثل الملاعب والمواصلات وإقامة الفعاليات، أما بقية المبالغ صرفت على مشاريع البنية التحتية التي خططت لها الدولة ضمن رؤية 2030، وكسبت قطر الكثير وخطت خطوات بعيدة في تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية الموضوعة ضمن خطط الرؤية، ويعتبر تنظيم كأس العالم إحدى هذه الخطط المدرجة في مشاريع الرؤية، كما أن ملايين كثيرة من أنحاء العالم سيتعرفون بشكل أفضل على قطر عبر وسائل الإعلام المطبوعة وشبكات الإذاعة والتلفزيون، ومن منشورات التواصل الاجتماعي التي ستصدر عن المشجعين والفرق المشاركة، وتقارير الصحفيين المتواجدين في قطر، وبما أن استضافة كأس العالم تعد جزءا من رؤية قطر الوطنية 2030، التي تهدف إلى تحويل قطر إلى مجتمع معاصر عالمي وتوفير مستوى معيشة أفضل للمواطنين واستغلال كل المرافق العملاقة التي أقيمت لكأس العالم كإرث للأجيال القادمة.