28 سبتمبر 2025
تسجيل*وطني بيتي، وشعبي أطفالي، ديكتاتورية مسيّجة بالحنان، واضطرابات يقمعها الحبّ، الميزانية يضبطها راتب آخر الشهر، وربما استعنت بالشعوب الصديقة، إنجازاتي في تفوّق أولادي في المدارس، وشراء قطعة أرض جديدة، والصمود في وجه المصاريف المتلاحقة، نوافذي مفتوحة على الجيران، أسقي حديقتي بيديّ، وآخذ دوابّي إلى المرعى، وأدع العصا خلف الباب تحسّباً للّصوص. *وطني لغتي، أقود جيشاً من الحروف، أحرث أرض المعنى، وأنثر فيها المجازات والصور، وطني يتّسع للمجانين والصعاليك والمحرومين، " وطني حيث يقيم أبطالي بحسب أحلام مستغانمي"، طردنا منه الطغاة، وسيجناه بالجمال. *وطني. .ووطن آبائي وأجدادي، من الملح إلى الملح، الوطن الذي ينطق أبناؤه الضاد، ويلثغون بحلم عبد الملك بن مروان والمعتصم بالله، من الشام لتطوان، ومن نجد إلى يمنٍ، سقفه معجزة البيان، ولسان الرحمن، وتاريخه شعر ودم، وسيف وحصان ونخلة، من صقر قريش إلى أحمد بن ماجد، ومن جابر بن حيان إلى أحمد زويل..أجيال ورا أجيال.. قطفنا الحلم، وتجرعنا الهزيمة.. سجّل: " أنا عربي ". *وطني طائفتي، ملاذ الحكايات والأسرار، والمظلوميات المعتّقة، سرٌ ينطبق على سرّ، ويدٌ تشتبك بيد، صامدٌ في وجه الرياح والأمطار والأفكار. *وطني قبيلتي، مضاربها تملأ الفيافي والبطاح، نشيدٌ في أذن الصحراء، رعاةٌ وفرسان، غاراتٌ وغزوات، دستورنا قِيمنا، وقد ظلّ الخباء وعين الماء ورغاء الإبل المشهد الأليف، والملاذ اللطيف. * وطني الدولة التي تمنحني مواطنتي، وأعمل فيها، وأقبض منها معاشي، فيها يتعلم أولادي. أرفع علمها، وأهتف لمنتخبها في البطولات، وأقول لها: " بلادي.. لك حبّي". * وطني يمتد من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً، أصلّي في مساجده، وأحيي من لقيت بـ " السلام عليكم "، لنا قبلة واحدة، ونقرأ الآيات ذاتها آناء الليل وأطراف النهار. * وطني رصيدي في البنك، عكازي لأيام الشيخوخة، ووقايتي من العوز. * وطني صفحتي في الفيسبوك، رعيتي أصدقائي الذين يهتفون لي صباح مساء بـ"لايكاتــهم"، يهدونني آخر إنجازات الفوتوشوب، ومقاطع اليوتيوب، ومن " ليّك" لي " ليّكت " له، أقاسم رعيّتي حروفهم وصرخاتهم وضجرهم، نحن شعب الفيس بوك الثائرون على الأنظمة، والقابعون خلف الأجهزة في ليل نهار، لايردعنا عن ذلك زوجة متذمرة أو ربّ عمل يقظ. * وطني صهوة سيارتي، أنا المتسكع الجاهلي الحديث، حفيد الشاعر الذي أعلن وطنه قبل 1200سنة " ظهور العيس أوطاني"، أسافر حيث أشاء، وأنام متى أشاء، وطني الدروب والمحطات العابرة ودكاكين الليل الطويل. * وطني اللحظات الحلوة التي أقضيها أينما حللت، في مستشفى أم في سجن أم في شقة 3X3 في ملعب كرة أم في سوق السمك، رأسمالي ابتسامتي، ومواطنيّ ذلك الموج العظيم في الساحات العامّة. * وطني كل موطئ قدم وضعه إنسان في رحلة البشرية الطويلة. *** ملاحظة: يمكنك اختيار إجابة واحدة، ويمكنك اختيار الأجوبة كلها، لكن درجتك ستقلّ وقد تمسي بلا وطن.