12 سبتمبر 2025

تسجيل

الإسراف في العطاء

30 سبتمبر 2023

هناك مقولة تقول: (بأن من يسعده أن يحيك أحلامه على أنوار احتراقك لن يكن يوما ذلك الماء البارد الذي يطفئ ما بك من احتراق !)، نشاهد في حياتنا يومياً قصص العطاء بلا حدود حتى أن الشخص الذي اعتاد أن يأخذ سيظن انه خلق للأخذ والناس مسخرون له. فيذكر ان فتاة تسرد قصة امها فتقول: تعودت على مشهد أمي وهي تقوم بتغيير اسطوانة الغاز.. تنادي أحد إخوتي ليحملها للمطبخ، أو تطلب من أحدنا مساعدتها في ذلك. من الطبيعي إذن أن أتعلم تغيير الإسطوانة بنفسي، وهذا ما فعلته بعد زواجي بقليل؛ جاهدتُّ حتى أدخلها للمطبخ وحدي ثم قمتُ بتغييرها، وحين عاد زوجي من عمله فوجئ بما فعلتُ، واندهش، ومدحني كثيراً كثيراً حتى ظننتُ أنني فعلت شيئاً خارقاً، وظل لفترة طويلة يقول لكل من يلتقي به من أهلنا: زوجتي غيرت الإسطوانة لوحدها. ثم تدور الأيام والشهور ويصبح تغييري للإسطوانة أمراً عادياً... حتى جاء يوم لم أستطع فيه تغييرها حيث كان الغاز يتسرب كلما قمتُ بفتحها.. تركتها جانباً حتى عاد زوجي فأخبرته بأنني لم أتمكن من إعداد الغداء بسبب مشكلة تسريب الإسطوانة.. ثار علي وتهكم قائلا: هل يوجد امرأة لا تعرف تغير إسطوانة الغاز؟! الأشياء التي نتحامل على أنفسنا ونجاهد حتى نفعلها رغبةً في نيل رضا الآخرين أو إسعادهم أو تخفيف العبء عنهم تصبح مع الوقت حقوقاً مكتسبة لهم وواجبات ثقيلةً تقيدنا وتنهك أرواحنا وأبداننا. فرفقاً بأنفسكم ولا تقدموا للآخرين إلا ما تستطيعون تقديمه دون مبالغة. صدقوا أو لا ذلك سوف يبقي أواصر المحبة قوية لأنه يحبك لنفسك وليس بمبدأ الأخذ والعطاء. الإسراف مرهق وقد يؤدي إلى ظلم أنفسنا وهضم حقوقنا. وقد قال اجدادنا مقولة تكتب بماء الذهب «كثر العطاء يورث الحسايف»، حيث إن الافراط ليس له إلا نتيجة واحدة وهي الخسارة، الإفراط في العطاء أو الإفراط بالشعور والمحبة والاهتمام والتسامح، لذلك اضبطوا أمور حياتكم. ما تعلمته مؤخرا أن من الحكمة أحيانا أن تُسد بعض روافد العطاء؛ فهناك من لا يمكنه ان يشعر بقيمة العطاء إلا بعدما تمتصه الحاجة.