14 سبتمبر 2025
تسجيلالسعادة في بيتك فلا تبحث عنها في حديقة الآخرين، لكن العشب في حديقة الجيران يبدو لنا دائماً أكثر اخضراراً، ذلك أننا كثيراً لا نتنبه إلى الأشياء التي تصنع سعادتنا، كثير ما يضيع البعض أحلى أيامه في انتظار القادم الأفضل وينسى أن يعيش هذه اللحظات الحاضرة فهي من عمره وسعادته فهو يلهث خلف المستقبل، لأنه يرى أن حياته غير مكتملة ينقصها شيء، فيلجأ إلى فعل يقلب حياته رأساً على عقب ويجد نفسه قد خسر كل شيء!. وقد ذكر قديما عن سيدة فرنسية تدعى ماتيلد لويسيل، تزوجت من رجل يحبها ويبحث عن راحتها دائماً، لكنها كانت غير سعيدة، وقد طرح عليها زوجها عدة حلول من أجل سعادتها، إلا أن لويسيل تفتقد المجوهرات الثمينة التي لم يكن بمقدور زوجها أن يجلبها لها، لذا لجأت إلى صديقتها «جان فوريستر» من أجل استعارة عقد «قلادة» باهظ الثمن، لترتديه في حفل فخم، لأنها ترى أن هذه هي مكانتها، وبعد أن انبهر الكثير بمظهرها فجأة لم تجد العقد، لقد فقدته!. ظلت ماتيلد تبحث عن طرق كثيرة من أجل استعادة العقد أو ما يشبهه لتعيده إلى صديقتها، وبالفعل وجدت طريقة وقامت بإعادة العقد، لتأتي صاحبة القلادة في نهاية القصة تفجر مفاجأة، «العقد كان مزيفا!»، أي ليس باهظ الثمن كما كانت تعتقد، ولكن بعد ماذا؟، بعد أن فقدت لويسيل الكثير والكثير من أجل إيجاد شبيه له، ربما إذا انتظرت قليلا كانت جلبته من مالها الخاص أو على الأقل رضيت بما يقدمه زوجها لأجل سعادتها. قد يرى الناس ان حياة البعض افضل من حياتهم وينالون ما يتمنونه ولكن بالمقابل لا يرون ما يفقد هؤلاء قد تكون لديهم امراض لا نعلم بها شيئاً أو لم يكن لهم أهل يساندونهم او مكانة بين الناس فكل هذه يفتقدها هذا الشخص الذي تقارن حياتك به. ومثلنا الأكبر رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يجلس ذات مرة مع أصحابه، فإذ بعبد الله بن مسعود يصعد أعلى شجرة ليأتي بسواك فإذا بالريح تكشف عن ساقه وضحك الصحابة من دقة ساق ابن مسعود، فسألهم النبي عن سبب ضحكهم، فردوا عليه: من دقة ساق ابن مسعود، فقال النبي: والذي نفسي بيده لهما أثقل عند الله من جبل أحد. فعلينا إلا نقلل من قيمة شخص من أجل مظهره البسيط صار الوقت الحالي يهتم البعض بماركة ساعتك وسيارتك وماذا تلبس اكثر من اهتمامهم بشخصك. يجب أن تعلم أن ارتداء ملابس رخيصة، أو قيادة سيارة قديمة لا يقلل من قيمتك، لديك عائلة لتطعمها وليس مجتمع لتثير إعجابه. ولعل ما مر علينا سابقاً من قصة لقمان الحكيم خير مثال على ان المظاهر لا تهم فهو الرجل الوحيد الذي خلد القرآن اسمه دونا عن غيره. ذكر أن لقمان كان حبشيًّا، وقيل: نوبيًّا، وعن ابن عباس: أنه كان عبدًا حبشيًّا نجَّارًا، وذكر أن لقمان عاصر داود، وكان داعية قبل نبوءة داود، وقيل قاضيًا، فلما نبئ داود توقف لقمان؛ وقد ورد في الحديث: (خير السودان أربعة: لقمان وبلال والنجاشي ومهجع). وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا الحكم، حدثنا عمرو بن قيس قال: كان لقمان، عليه السلام، عبدا أسود غليظ الشفتين، مصفح القدمين، فأتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم، فقال له: ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا؟ قال: نعم، فقال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني. والحكمة تقول: (لا تخدعك المظاهر فهدوء المقابر لا يعنى ان الجميع في الجنة). وفي النهاية لن يبقى معك إلا من رأى الجمال في روحك، أما المُنبهرون بالمظاهر فيرحلون تباعاً.