14 سبتمبر 2025
تسجيلمما لاشك فيه أن المعاهدات أدت دورًا كبيرًا في تطور القانون الدولي العام واكب التطور الذي لحق بالمجتمع الدولي من ناحية، وبالعلاقات التي تدور في إطاره من ناحية أخرى، سواء في السلم أم الحرب أم التعاون الاقتصادي أم المساعدات الفنية أم العلاقات ذات الطابع الدبلوماسي أم غير ذلك، وتظهر أهميتها في تنظيم العلاقات الدولية باعتبارها من أهم المصادر الأصلية للقانون الدولي العام، كما أنها مصدر رئيسي للالتزامات الدولية. تعريف المعاهدة تعرف المعاهدة بأنها: "اتفاق دولي معقود بين دول بصورة خطية وخاضع للقانون الدولي، سواء أثبت في وثيقة وحيدة أو في اثنتين أو أكثر من الوثائق المترابطة، وأيًا كانت تسميته الخاصة". وهو قريب جدًا من نفس التعريف الذي أخذت به اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بين الدول والمنظمات الدولية أو فيما بين المنظمات الدولية عام 1986م. أنواع المعاهدات (أ)- من حيث عدد الأطراف: تنقسم المعاهدات من حيث عدد أطرافها إلى معاهدات ثنائية، وذلك إذا انعقدت بين طرفين فقط، بينما تكون معاهدات جماعية، إذا زاد عدد أطرافها على اثنين. (ب) – من حيث أسلوب الانضمام: تنقسم المعاهدات إلى مغلقة، وهي تلك التي لا يسمح بالانضمام إليها نهائيًا إلا إذا تم تعديل بنود المعاهدة، ومعاهدات مفتوحة، وهي تلك التي يسمح بالانضمام إليها من جانب الدول الأخرى؛ على سبيل المثال: اتفاقيات حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان وغيرها. (ج) – من حيث الغاية من إبرامها: تنقسم إلى اتفاقيات خاصة، تهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة تهم فقط الدولتين أو الدول المتعاقدة فيها، مثال: اتفاقيات تسليم المجرمين والحدود والإحالة للتحكيم والاتفاقيات التجارية. وهناك أيضًا اتفاقيات عامة وهي تلك التي تسعى إلى تنظيم موضوع عام يهم المجتمع الدولي ككل ولا ينظر في هذه المعاهدات إلى عدد الدول أو موقعها الجغرافي، لأن غايتها توسيع رقعة الدول المنظمة لها، مثال: المعاهدات المتعلقة بحظر انتشار أو استخدام أسلحة معينة. (د) – من حيث الإجراءات الشكلية: تنقسم إلى معاهدات مطولة، حيث تحتاج لنفاذها وإنتاج آثارها مجموعة من الإجراءات التي تبدأ بالمفاوضات والتحرير والتوقيع وأخيرًا التصديق والمرحلة الأخيرة هي التي تميز هذا النوع عن الاتفاقيات ذات الشكل البسيط. أما المعاهدات ذات الشكل البسيط فهي تلك التي لا تمر بالإجراءات السابقة، حيث لا تحتاج بعد المفاوضة والتحرير، إلا لموافقة السلطة التنفيذية عليها (أي التصديق فقط من السلطة التنفيذية دون السلطة التشريعية)، ولذلك تسمى هذه المعاهدات بالاتفاقيات التنفيذية، حيث ليس هناك حاجة للحصول على إجراءات خاصة مثل: التصديق. صياغة المعاهدات عندما تنتهي مرحلة المفاوضات ويتم الاتفاق بين الأطراف على بنود المعاهدة ومضمونها، فإنه لابد من تحريرها، أي كتابة ما تم التوصل إليه في نصوص دقيقة وواضحة وبصياغة بسيطة وموجزة، وأن تكون الأحكام ذات دلالة على المعنى المقصود من النص. والكتابة أمر مهم وضروري لإثبات ما تم التوصل إليه من اتفاق. وهناك عناصر أساسية يجب مراعاتها عند صياغة المعاهدة، وهي: الديباجة (المقدمة)، وأحكام الاتفاقية (محتوى المعاهدة)، والأحكام العامة أو الختامية، وقد تشتمل على ملاحق، وقبل أن نتناولها بالتوضيح لابد من تناول موضوع اللغة المستخدمة في تحرير المعاهدة، وذلك على النحو التالي: (أ) – اللغة التي تكتب بها المعاهدة. اللغة هي تعبير عن الهوية والحضارة، لذلك ثارت خلافات في الماضي بين الدول حول اللغة التي يجب أن تكتب بها المعاهدة، وقد جرى العمل في الأمم المتحدة أن الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقد تحت رعايتها تكتب باللغات الرسمية الستة، وهي (الإنجليزية – الفرنسية – الإسبانية – الروسية – الصينية - العربية). ويجري العمل على أنه: 1- في حال إذا كانت الدول الأطراف لها لغة واحدة مشتركة، فإنه يجرى صياغة المعاهدة بهذه اللغة. 2- إذا تعددت لغات الدول الأطراف المتفاوضة لإبرام معاهدة ما، فإن المتبع ما يلي: -كتابة المعاهدة بكل لغات الدول الأطراف. -كتابة المعاهدة بلغة واحدة فقط من بين لغات الدول الأطراف. -كتابة المعاهدة بأكثر من لغة يتفق عليها من لغات الدول الأطراف. -كتابة المعاهدة بلغتين أو عدة لغات مع إعطاء الأفضلية لإحداها. (ب) – الديباجة (المقدمة). تتضمن ديباجة المعاهدة عناصر أساسية، هي: أهدافها والغاية من إبدائها والدول الأطراف فيها وأسماء المندوبين وصفاتهم. وتعد الديباجة جزءًا لا يتجزأ من المتن أو صلب المعاهدة، وتتمتع بنفس القيمة القانونية الإلزامية التي يتمتع بها المتن وبقية الأجزاء الأخرى بها. (ج) – أحكام المعاهدة (محتواها): ويقصد به الأحكام الموضوعية الجوهرية المتفق عليها بين الأطراف وحقوق والتزامات كل الأطراف فيها، ويتم تقسيمها إلى أبواب وفصول ومواد وفقرات (د) – الأحكام العامة أو الختامية: ويقصد بها الأحكام الإجرائية، وهي ليست بمسائل موضوعية مهمة تتعلق بحقوق وواجبات الدول الأطراف فيها، بل هي عبارة عن أحكام عامة تعالج بعض المسائل والموضوعات الشكلية، مثل: تحديد تاريخ إبرام المعاهدة أو دخولها دور النفاذ. وزارة العدل - خبير قانوني [email protected]