13 سبتمبر 2025
تسجيلالحبس الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق تقتضيه مصلحة التحقيق وينطوي على حرمان المتهم من حريته الشخصية خلال مدة مؤقتة قبل صدور حكم قضائي في الاتهام الموجه إليه. والقاعدة (الأصل في الإنسان البراءة) وعلى ذلك يتعين حصره في موجباته الضرورية ذلك أنه يكاد يكون نوعاً من الإدانة التي توقعها سلطة التحقيق ومن ثم فإنه يتعين عليها ألا تأمر به إلا إذا تيقنت من ضرورته واتفاقه مع العلة منه. ومن هذا المنطلق قيل بأن الحبس الاحتياطي هو من أخطر إجراءات التحقيق وأكثرها مساساً بحرية المتهم، إذ بمقتضاه تسلب حرية المتهم طوال فترة الحبس. وقد شرعه القانون لمصلحة التحقيق، فهو ليس عقوبة توقعها سلطة التحقيق ذاتها، ومن أجل ذلك يجب أن يتحدد بحدود هذه المصلحة ولا تسرف سلطة التحقيق في استعمال هذه الرخصة إلا إذا كان فيها صالح التحقيق كحجز المتهم بعيدا عن إمكان التأثير على الشهود أو إضاعة الآثار التي تفيد في كشف الحقيقة، أو تجنبا لإمكان هربه نظراً لثبوت التهمة وخشيته من صدور حكم عليه بالإدانة. ووضع المشرع القطري العديد من الضوابط الموضوعية التي يلزم توافرها لكي تستطيع الجهة المختصة قانونا أن تصدر أمراً بحبس المتهم احتياطيا. ونظراً لأن الحبس الاحتياطي يشكل في ذاته مساساً بحقوق المتهم وحرياته الشخصية – ذلك المتهم الذي يفترض فيه البراءة – فإن هذه الضوابط تتمثل في صورة شروط موضوعية يلزم توافرها لصحة الأمر الصادر بحبس المتهم احتياطيا، كما أنها تكفل حماية حقه في حريته الشخصية في التنقل، وتضمن عدم المساس بها إلا في الحالات التي تقتضيها مصلحة التحقيق، وذلك بهدف التضييق من إمكانية اللجوء للحبس الاحتياطي. ولا يجب أن يُفهم من إقرار مثل هذه الضوابط أنها تهدف إلى حماية المتهم بارتكاب الجريمة، ولكنها تهدف إلى تحقيق نوع من التوازن بين افتراض براءة المتهم وحماية حريته الشخصية من ناحية وبين مصلحة المجتمع في معرفة مرتكب الجريمة ومعاقبته عنها قانونا من ناحية أخرى. أما الجهات المختصة بإصدار أوامر الحبس الاحتياطي ومدة الحبس المقررة لكل منهما فباعتبار الحبس الاحتياطي أحد أوامر التحقيق الابتدائي كان لزاما أن تكون الجهة المختصة بإصدار الأمر به هي سلطة التحقيق، أي النيابة العامة. ويترتب على ذلك أنه يمتنع مأمور الضبط القضائي إصدار أمر الحبس الاحتياطي. ومن جهة أخرى، لا يجوز إصدار أمر بالحبس الاحتياطي إلا بعد استجواب المتهم، باستثناء حالة هروب هذا الأخير، والمبدأ أنه لا يجوز ندب مأمور الضبط القضائي لاستجواب المتهم، وبناء عليه فإنه من لا يملك الاستجواب لا يملك الأمر بالحبس الاحتياطي، أي أنه يمتنع على مأمور الضبط القضائي إصدار أمر بالحبس الاحتياطي. وتختلف الجهة المختصة بإصدار أمر الحبس الاحتياطي، وكذلك تلك المختصة بالنظر في تمديد هذا الأمر وفقا للنظام القانوني لكل دولة. وفي القانون القطري، يصدر الأمر بالحبس الاحتياطي من النيابة العامة باعتبارها السلطة صاحبة الاختصاص بالتحقيق الابتدائي، وجعل تمديد أمر الحبس الاحتياطي من اختصاص أحد قضاة المحكمة الابتدائية المختصة.