13 سبتمبر 2025

تسجيل

دراسة الواقع مقدمة لتحقيق النهضة!

30 سبتمبر 2011

اشحذ البصيرة ترَ أن الواقع يقدم لأمتنا بشائر عز وانتصارات ونهضة وأعمل العقل لتحلل الأحداث وتكتشف الفرص فإن من حسن التدبير أن تعمل لتزيد قوتك وتتقدم عندما تلوح في الأفق أضواء الصبح. وأمتنا على أبواب عصر جديد يتغير فيه العالم بكل نظمه السياسية والاقتصادية، ولكي نصنع مجد أمتنا في ذلك العصر لابد أن نقرأ المؤشرات، ونتتبع سير الأحداث. لذلك فإن أمتنا تحتاج إلى علمائها في هذه المرحلة المهمة من حياتها ليرسموا لها طريق المستقبل. لكن العالم الذي تحتاجه الأمة هو الذي يمتلك الجرأة والشجاعة لإعلان الحقائق ولا يخشى إلا الله ويعتز بانتمائه للأمة والوطن، ويختزن في أعماقه الشعور بالتميز الحضاري. من أهم النتائج التي يمكن أن نتوصل إليها من دراسة الواقع أن شعوب العالم بدأت تنظر لنا بإعجاب بعد انتصار الثورة المصرية، والأخطر من ذلك أنها بدأت تقلد الثوار المصريين الذين صنعوا ثورة سلمية ضد الطغيان والاستبداد تشع بنورها على العالم كله. قد يكون مفهوماً أن تقلد الشعوب الفقيرة المستضعفة الثورة المصرية، وهذا سوف يحدث، وستكون ثورة مصر هي النموذج لشعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي ستنتفض خلال السنوات القادمة ضد حكامها المستبدين التابعين للغرب، والذين أعطوا لأمريكا وأوروبا كل الفرص لاستغلال دولهم ونهب ثرواتها وإفقار شعوبها. لكن الجديد الذي يبدو حتى الآن غير مفهوم هو أن شعوب أوروبا بدأت تقلد الثوار المصريين، وهو ما يشير إلى إمكانية تكرار النموذج الثوري المصري في أوروبا. وجه الغرابة في ذلك أن الأوروبيين ينعمون بالديمقراطية ويستطيعون أن يغيروا حكامهم في الانتخابات، بينما ثار المصريون ضد نظام مستبد قد يبدو السياق في ظاهره مختلفاً لكن إن تأملنا سنجد أن الرأسمالية قد حولت الديمقراطية الأوروبية من وسيلة لفرض الإرادة الشعبية والحكم الرشيد إلى وسيلة لسيطرة أباطرة المال والبورصات والصفقات على الحكم، وهؤلاء تحكموا في وسائل الإعلام واستخدموها في تضليل الناس وتزييف وعيهم وإجبارهم على انتخاب الحكام الذين تختارهم الرأسمالية لتحقيق مصالحها. وتبدو حالة بيرلسكوني في إيطاليا شاهدة على ما آلت إليه الأحوال في أوروبا، فالشعب يعرف جيداً فضائح بيرلسكوني وما حققه للإيطاليين من مصائب لكنهم لا يستطيعون تغييره لأنه يملك المال والإعلام. وأوروبا التي نهبت ثروات الشعوب الضعيفة في عصر الاستعمار غرقت في الترف والشعور بالتفوق، وتمكنت في نفوسهم عقدة الاستعلاء، لكنهم أفاقوا في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين على كارثة الديون التي تهدد بأخطر أزمة اقتصادية عالمية. ووجدت الدول الأوروبية نفسها أمام واقع مر يفرض عليها أن تتخلى عن كل مظاهر الترف وتقلل من أجور العمال وتطرد الكثير من الموظفين. وخلال السنوات القادمة سيعرف الأوروبي آلام الجوع ومرارة الفقر، ولن يلوم إلا نفسه لأنه صدق وسائل الإعلام وأعطى صوته لحكام رأسماليين مازالوا يعيشون بعقلية استعمارية تجاوزها الزمن، فاشتركوا مع أمريكا في حرب العراق وأفغانستان حيث تم إنفاق تريليونات الدولارات على إبادة ملايين البشر من العراقيين والأفغان. وعندما تزداد آلام الجوع سيعرف الأوروبيون أنهم ارتكبوا جريمة تاريخية وبددوا أموالهم من أجل إرضاء أمريكا التي تتعامل بنفاق مع قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقريباً لن يجد الأوروبيون أمامهم سوى نموذج الثورة المصرية ليقلدوه. هذا يعني أن الثوار المصريين قد أصبحوا أساتذة الثورات، وهذا يساهم في تحقيق الهدف الذي حدده الإمام الشهيد حسن البنا للأمة وهو أستاذية العالم. شاركت في الشهر الماضي في مؤتمر الرابطة العالمية لبحوث الاتصال في إسطنبول حيث قدمت نظرية جديدة عن عملية الاتصال في ميدان التحرير. وكم كنت سعيداً وأنا أرى الباحثين الأوروبيين يتعاملون معي باحترام وإعجاب ويوجهون لي الأسئلة عن الثورة المصرية كأنما يشتاقون إلى الحصول على خبرة باحث شارك في الثورة، وأنهم يتعاملون معي كأستاذ يحتاجون إلى علمه، وتذكرت الهدف الكبير لقد أنجزنا ثورة سلمية عظيمة ستكون بداية لعصر جديد نحتل فيه مكاننا الذي نستحقه بحضارتنا ونهضتنا وديمقراطيتنا وكفاحنا لتحرير الناس من الطغيان.. هذا المكان الذي نستحقه هو " أستاذية العالم "!.