10 سبتمبر 2025
تسجيلالشهادة أجمل خاتمة لحياة قائد عاش يجاهد لإعلاء كلمة الله، ويدافع عن القدس، ويعمل لتحرير أرض فلسطين، ويتمسك بمبادئه، ويرفض الخضوع للواقع. اسماعيل هنية قائد تاريخي لحركة مقاومة تقاتل من أجل حرية وطن وشعب، ولعل من أهم انجازات الشيخ أحمد ياسين أنه تمكن من تربية الكثير من القادة مثل اسماعيل هنية.. إنك تستطيع أن تلاحظ جمال ذلك الانجاز عندما تستمع إلي كلمات قادة المقاومة، واصرارهم على التمسك بمبادئهم، وقدرتهم علي التعبير عن قضيتهم بوضوح وبلغة عربية فصحى كدليل على الأصالة وصدق الانتماء للأمة الاسلامية العظيمة. أستطيع أن أقدم لكم دراسة عن اسماعيل هنية كشخصية قيادية يمكن أن تسهم في تطوير علم القيادة.. لكن الوقت ليس مناسبا لهذا العمل؛ فالأمة الإسلامية تودع قائدها الشهيد، وتحتاج إلى معان جديدة يمكن أن تسهم في تحقيق نصر أعتقد يقينا أنه اقترب، وإننا يمكن أن نرى أضواءه. لكن يمكن أن أقول أن القائد يموت لتحيا رؤيته ومبادئه ورسالته وقضيته، ويلهم أمته الاصرار على تحقيق أهدافها، والموت شهادة أعظم دليل يقدمه القائد للأمة على أنها تستطيع أن تحقق النصر. وطوال التاريخ قدمت الأمة الإسلامية ملايين الشهداء، قام كل شهيد فيهم بعمل عظيم، وقدم روحه من أجل المبادئ التي يؤمن بها، والأمة الإسلامية تعتز وتفخر بكل شهدائها من القادة والجنود، ولا تميز بين قائد وجندي ؛ فكل إنسان يقوم بدوره، ويعمل لتحقيق الهدف. واسماعيل هنية نال الشهادة بعد أن ودع 60 من عائلته، وأربعين ألفا من شعبه الصامد الذي يقاوم ويصر على تحرير أرضه، وظل يردد طوال حياته أنه "مشروع شهادة "، وسوف تودع الأمة شهيدها، وتنتفض إرادتها على ضوء دمه الطاهر، وسيظهر آلاف القادة من تلاميذه ليكملوا الطريق نحو القدس، فتحريرها هو الهدف والأمل. على ضوء دم هنية سيبدع القادة الجدد الكثير من الأفكار الجديدة التي لا يتوقعها العدو، وسيكتشف أن هنية الذي قتله النتن ياهو غدرا يوفر لشعبه القدوة والمثال، وأن الملايين من شعب فلسطين يسير على الطريق نحو القدس. أما اسماعيل هنية ؛ فإنه بالتأكيد قد فاز فقد عاش حياته مخلصا لدينه ومبادئه، ومات شهيدا كريما عزيزا لم يفرط أو يخضع أو يلين. كان الشهيد اسماعيل هنية يؤم المصلين في كل مساجد غزة، وكان يحب أن يتلو هذه الآية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون " سورة آل عمران 169- 170. تلك هي الحقيقة التي أنعم الله علينا بمعرفتها في كتابه الكريم ؛ لنقوم في ضوئها بصياغة أهداف حياتنا، وتصورنا عن الحياة والموت الذي نؤمن أنه ليس نهاية الحياة. هكذا ظن النتن ياهو وهو يوجه صاروخه إلى جسد اسماعيل هنية، ولم يدرك أن اسماعيل سيظل حيا عند ربه، وستظل الأمة تحفظ كلماته، وتعمل لتحقيق الهدف العظيم وهو تحرير القدس. والنتن ياهو أصابه غرور القوة بعمى البصيرة، فوسيلته الوحيدة في مواجهة المقاومة هي الابادة والقتل والتدمير والتخريب، ونحن نعرف قوته جيدا، ونعلم يقينا أن أمريكا تمده بكل أنواع الأسلحة التي تكفي لإبادة البشرية كلها. لكن النتن ياهو لا يفهم أننا أمة متميزة تقدم شهداءها، وتفخر بهم، وتؤمن أنهم أحياء عند ربهم، وعلى ضوء دمائهم تطور أساليبها في المقاومة، ويبدع القادة الجدد الكثير من الأفكار الجديدة التي لا يمكن أن يتوقعها النتن ياهو وكيانه المغتصب.. ومن المؤكد أن اسماعيل هنية يحتل مكانة مهمة في تاريخ أمتنا كقائد سياسي ودبلوماسي، وكمقاتل من أجل الحرية. لكن هناك الكثير من القيادات في غزة ستأخذ دورها وتسير على الطريق، وتعبر عن الإصرار علي تحرير فلسطين، والأمة الإسلامية تقدم القادة طوال التاريخ، فهي تودع شهداءها، وتواصل الطريق، ويمكننا أن نرى أضواء النصر على ضوء شهادة اسماعيل هنية. من يشحذ بصيرته يمكن أن يرى حقيقة مهمة هي أن الأمة التي تقدم الشهداء سوف تحقق النصر، وأبشركم أنه اقترب، إننا يمكن أن نراه بوضوح.