14 سبتمبر 2025

تسجيل

القرآن وإعداد قيادات الحضارة العالمية الجديدة

30 يوليو 2023

استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعد 120 ألفا ليحملوا رسالة الإسلام إلى الإنسانية، وليبنوا حضارة جديدة، وهذه تجربة تاريخية مهمة تحتاج إلى دراسات تشكل أساسا لبناء عالم جديد. أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الرجال ليكونوا قادة، يواجهون المواقف المختلفة، ويصنعون قرارات تتميز بالحكمة، ويؤثرون على الجماهير. وتمكن كل فرد من هؤلاء الرجال من أن يقوم بمهمة متميزة ووظيفة حضارية ؛ويقدم نموذجا مميزا يسهم فى تطوير علم القيادة، ويوفر لنا فرصة لتطوير نظريات يتم على أساسها اعداد قيادات المستقبل. المعرفة أساس القيادة ! توضح لنا دراسة تاريخ العالم الحديث أن المعرفة أهم مؤهلات القيادة، فهناك الكثير من القادة الجهلاء الذين دمروا دولهم، ودفعوا شعوبهم للفقر والبؤس واليأس، وتعرضوا لهزائم مريرة بسبب استكبارهم وصلفهم وغرورهم. لذلك تشتد حاجة الشعوب لعلماء يوضحون لها كيف تختار القيادات على أسس جديدة، ولذلك فإن دراسة تجربة الرسول صلى الله عليه وسلم فى إعداد القيادات وتأهيلها لبناء حضارة جديدة تسهم فى بناء مستقبل البشرية، وفى قيام الأمة الإسلامية بتقديم مشروع حضارى جديد. ومن المؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعد هذه القيادات بالمعرفة فى أول مجتمع معرفة شهده التاريخ فى المدينة المنورة، حيث تعلم هؤلاء الرجال عملية ادارة المعرفة واستثمارها فى بناء حضارة عالمية جديدة.. فبعد أن حرروا البشرية من ظلم الفرس والرومان، أقاموا مجتمعات معرفية، وفروا فيها لكل إنسان الحق فى أن يعرف ويتعلم ويعلم ليصبح قائدا، وبهذا تواصلت عملية اعداد القيادات بالمعرفة. كل مسلم قائد معرفة ! تمكن الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة من أن يحول كل مسلم إلى قائد معرفة، ومستقبل الأمة الإسلامية يقوم على تخطيط استراتيجى طويل المدى لبناء تجربة مشابهة يعرف فيها كل مسلم دوره ووظيفته الحضارية. ولكى تصبح قائدا وتقوم بهذا الدور يجب أن تدرك من أنت، وتحدد أهداف حياتك ؛كما تمكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من تحديد أهدافهم، فكان أول تلك الأهداف وأهمها هو الحصول على المعرفة ؛ فهى أعظم ثروة يحصل عليها الإنسان، وهى منحة من الله سبحانه وتعالى وحده، ومن أعظم النعم التى أنعم الله بها على الإنسان، ولذلك ترك المهاجرون أموالهم وبيوتهم ووطنهم وأرضهم لأنهم أدركوا أنهم بهذه المعرفة سيصبحون سادة الدنيا وقادة البشرية. أصالة مصدر المعرفة ! لكن يجب أن تقرر أولا ما المصدر الذى يمكن أن تحصل منه على المعرفة، لذلك أدرك هؤلاء القادة أن القرآن هو وحده المصدر الأول والأصيل الموثوق به للمعرفة، فهو كلام الله الذى أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم عن طريق أمين الوحى جبريل،والذى تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه إلى يوم القيامة بألفاظه ومعانيه ونسيجه الصوتي. لذلك ارتبط الإيمان بالمعرفة فى عملية اعداد القادة الذين ملأ قلوبهم الإيمان بالقرآن والاعتزاز والفخر بأنهم يحملون رسالة الله إلى البشرية، وأدى ذلك إلى شجاعة القلب والضمير، والقوة فى اتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية، والتقدم للقيادة. كيف يجب أن تقرأ القرآن لتصبح قائدا ؟ لذلك يجب أن تقرأ القرآن كما قرأه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بإيمان وقوة وعزة، وتدرك أولا أن الله يخاطب بالقرآن كل البشر ليشكل به حياتهم التى أراد الله سبحانه وتعالى أن تقوم على الكرامة، والمعرفة من أهم أركان هذه الكرامة، ومن العدل أن تحمل مسؤوليتك فى تعليم البشر كيف يصبحون عبيدا لله وحده. لكى تصبح قائدا يجب أن تؤمن بالقرآن وتقرأه بقلبك وعقلك وروحك لتبنى به حضارة جديدة تقوم على تحقيق العدل والكرامة والمعرفة، وتفكر بعمق كيف تقوم بدورك التاريخى ومسؤوليتك الإنسانية كما قام بها القادة الذين أعدهم رسول الله لتحريرالبشرية وتعليمها. وعندما يملأ الإيمان به قلبك ستنطلق فى الحياة لتقوم بوظيفتك الحضارية ودورك التاريخى كقائد للبشرية.