15 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن النظام الذي ساد حياتنا ولمدة قاربت الشهر قد جعلنا نخضع لنظام ثابت (وإن كان ذلك لمدة محدودة) صقل النفوس، وطهر القلوب، حتى تجملت العقول وأصبحت كصفحة لا تكتب إلا ما يُعبر عن وضع صاحبها، الذي لا يدركه من بعد الله سواه، ما يعني أنها ستتلون بأعماله التي كلما عظمت تباهت تلك الصفحة بعظيم ما كان فيها، ويبقى السؤال الذي يطل من بعدها هذه الكلمات: أي عظيم قد جئت به في رمضان؛ كي تستمتع به في هذا العيد السعيد؟ إن إجابة السؤال السالف ذكره لا تعتمد على أي أحد سوى صاحب الإجابة، وما يهم هو أن يدرك ذلك، ويدرك حقيقة ما قد قدمه لنفسه بنفسه؛ كي يتمكن من بعدها من التمتع بفصل جديد من حياته لا يقل أهمية عن الفصل السابق له، فهو ما سيكمله وسيُضيف إليه الكثير، ولا يحتاج منه إلا متابعة كل ما قد سبق له أن كان؛ كي تسلك أموره مسارها الصحيح، فالأمر لا يقف عند حد معين، ويتطلب في المقابل التزاما يأتي على قدره، ولكنه ما يستحق بل ويجدر به أن يمتد؛ لأنه وإن لم يكن كذلك فهو ما سيعني أن الالتزام الذي فُرض على رمضان وفيه قد كان مؤقتاً، ولنا أن نتخيل لو أن رمضان يتطلب منا التزاما لا يكون إلا فيه؛ ليرحل ما أن يرحل الشهر عنا، حينها كيف ستكون الحياة من بعد ذلك؟ مما لاشك فيه أنها ستعاني من التخبط وسيعود كل واحد منا إلى عاداته التي من الممكن أن تُفسد المحيط، وهو دون شك ما لا ولن نرغب به بتاتاً، وكي نتجاوزه قبل أن يكون فلابد أن ندرك أن كل ما قد كان منا في رمضان من عبادات وعادات يجدر به أن يستمر مع التأكيد عليه سالماً في القلب دون أن يكون منا بتكلف لا قيمة له. أيها الأحبة: لا بد أن ندرك أن النفس قد خضعت ولمدة كافية قدرها الله لها في رمضان حيث الضبط الصارم الذي شكلها واهتم بها؛ كي تصبح على خير ما يرام، وهو ما لا يجدر بأن يكون مرتبطاً بتلك الفترة الزمنية فحسب ولسويعات تكون من بعدها، ولكنه ما يجدر أن يستمر معنا؛ كي نعيش بسلام تام يبدأ من الداخل؛ ليمتد إلى الخارج حيث سيلتقي بآخرين سبق لهم أن تقدموا بذات الأمر حتى تكونت بفضل تلك الأخلاقيات العالية التي يتمتعون بها طبقة حافظة لكل جميل يكون، ولا تقبل إلا به، والحق أن تواجد مثل هذه الطبقة يجعلنا نشعر بشيء من الأمان لن نرغب بسواه، ولا يجدر بنا المطالبة بغيره، والحق أن من يدرك قيمة هذه الكلمات سيدرك حاجتنا إلى التمسك بهذا الحق، الذي لن يقتصر نفعه على فرد واحد فقط، ولكنه ما سيكون للجميع إن شاء الله لنا ذلك. زبدة القول إن رحيل رمضان وحلول عيد الفطر لا يعني أن تفطر النفس على كل ما تشتهي؛ لتفعل كل ما يحلو لها كما يحلو لها، ولكن أن تتعلم كيفية ضبط حياتها بشكل أفضل يمكن أن يكون من خلال اعتماد كل فضيلة سبق لها أن كانت منها في رمضان، الشهر الذي يشبه إلى حد كبير حياتنا في هذه الدنيا التي تتطلب مجاهدة النفس على كل ما لا يليق بها حتى نفوز بالجنة، التي ستكون كعيد لا بد أن نفرح به متى كان لنا ما نريده بإذن لله.وأخيراً الحياة جميلة وتصبح أكثر جمالاً حين نعيشها بقلوب صافية لا تعرف الحقد أو الغل؛ لذا فلنحرص على أن تكون حياتنا كذلك بتطهير قلوبنا؛ كي نستمتع بهذه اللحظات الرائعة ونحن إلى الله أقرب. كل عام وأمة محمد صلى الله عليه وسلم بكل خير.