10 سبتمبر 2025
تسجيلوالله يخجل القلم مني بقدر خجلي منه؛ للكتابة وسط أوضاع تضعنا؛ لنتقلب بين أحداث لا تهدأ ولم تسمح للبعض منا بالتفرغ للشهر الفضيل كلياً كي يفوز بنصيبه من تكريس الاهتمامات الدينية فيه أكثر مما هو عليه الحال الآن، وذلك؛ لأن ما يحدث يُجمِّد العقل ولا يترك له منه أي شيء يفكر به، والفضل لتلك الأحداث التي حدثت ولم تعرف النهاية بعد، ووقعت على ضحاياها ممن يُحسبون علينا، ويجمعنا بهم الإسلام. إن ما يحدث قد قسمنا لمجموعة تدرك حقيقة ما يدور من حولها، وتسعى جاهدة لبذل كل ما تستطيع بذله من مساعدة تحمل بين طياتها الكثير من الرحمة والإحسان والعطف، وتشحن نفسها وتتجدد بذكر الله؛ كي تستمر بالعطاء ودون توقف منها، فهو ما ستُؤجر عليه بإذنه تعالى، ومجموعة أخرى لا تلتف إلا؛ لتلبية اهتماماتها دون أن تقدم أي شيء منها من باب المساعدة أو حتى التفكير بكيفية فعل ذلك؛ لأن ما يحدث وبكل بساطة لا يحدث معها، وعليه فإنه لا يستحق منها صرف أي شيء من التركيز أو الاهتمام نحو من يحتاج من كل ما سبق أقل القليل. حين نصف ما يدور ونقول بأنه (لا يُقبل ولا يُعقل بأن يُقبل أصلاً) نشير إلى الأحداث التي لا يمكن أن نتجاهلها وهي تلتهم جسد العالم الآن، ومن يدعي أنه لا يرى أو لا يسمع ليس سوى صاحب نفسية مريضة، توهم نفسها بأنها بخير، وإن كان مَن حولها لا يُبشر بذلك، وعليه فإن حديثنا هذا اليوم موجه لـ (صاحب هذه النفسية المريضة)، الذي نواجهه يومياً، وفي أكثر من تجمع يُلقي بنا من أمامه: لا يهم بأن يقع عليك كل ما يحدث وبالدرجة الأولى؛ كي تشعر به وتدركه وتتألم منه، بل يكفي أنه قد وقع، وما يهم بأن نلحق من وقع عليه الضرر قبل أن تتفاقم حالته، فكل واحد منا يُكمل الآخر، مما يعني أن ما يؤلمك يؤلمني، وما يُتعبك يُتعبني، وما يؤذيك حتماً يؤذيني، وعليه لا تفكر بأنانية وتكرر (ما لم يقع علي لن يؤذيني)، فتبدو كمن يتحدث بلغة لا تُحسب على اللغات، ولكنه يميل إليها؛ لأنها وللأسف سترفعه عالياً ولبعض من الوقت سيشهد وفي المقابل حقوق غيره وهي تُدهس من تحت الأقدام حتى تُقبل الأرض بعد أن تتبعثر، ولكن فكر بغيرك ولو لمرة في حياتك، وجاهد نفسك على تقديم المساعدة وإن بدت لك هينة لينة، وقدمها دون أن تنتظر مقابلاً، يوازي ما قد قدمته؛ لأن حقك لن يضيع منك وبإذن الله. ثقافة (حب المساعدة) هناك العديد من الحملات التي تساند كل من يحتاج للمساعدة، وهي تلك التي قامت بتلاحم جهود كل الطاقات المهتمة بتقديم المساعدة لأهلها، ولكن ما نسعى إليه هو غرس ثقافة (حب المساعدة) في النفوس؛ لينتشر الخير، ويدور ضمن عجلة العطاء دون توقف يؤخر وصول المبادرات الطيبة إلى كل من يحتاج إليها، فلربما من يحتاجك اليوم ستحتاجه يوم غد، غير أنك وللأسف لن تجد منه ما يُسعدك؛ لأنك لم تُسعده من قبل بمساعدتك له أو حتى بعرضها عليه، ولم تحاول بأن تفعل أصلاً؛ لذا وقبل أن تقع في هذا المأزق، ولا تجد من أمامك سوى النحيب، بادر بتقديم المساعدة لغيرك، ولا تستند على حقيقة أنك تعيش تعاسة لا يدركها من حولك، وقل: الحمد لله؛ لأن وضعك أفضل بكثير ممن تشرد من بيته، وتفرق عن أهله، وفُصل عن أرضه، وذاق مُر الغربة وهو بجوف الوطن، ساعد من حولك؛ لتجد من يساعدك حين تحتاج المساعدة، ولتفعل ذلك كي تسمح لعجلة الإنسانية بالدوران، فلا تتوقف عندك بل تستمر حتى تصل لغيرك، وكل ذلك؛ لأننا بأمس الحاجة لأكبر قدر منها في هذا الزمن، الذي وإن قدمت فيه ما قدمت فإنك لن تخسر شيئاً أبداً. وأخيراً نسأل الله التوفيق للجميع في الثلث الثاني من رمضان.