10 سبتمبر 2025

تسجيل

مناظرة تاريخية بين بايدن وترامب: تكشف أزمة ديمقراطية أمريكا!

30 يونيو 2024

تاريخيا تلعب المناظرات في انتخابات الرئاسة الأمريكية دورا مهما في تعريف الناخبين بمواقف وقدرات مرشحي الحزبين. كانت مناظرة الخميس الماضي في اتلانتا بين الرئيس بايدن والرئيس السابق ترامب كاشفة وصادمة ومؤشرا لأزمة حقيقية ليس في شخصية المرشحين «بايدن وترامب»، وحزبيهما. كشفت المناظرة مأزق وعقم النظام الحزبي والسياسي الأمريكي لحصره المنافسة وفرص الفوز بين أحد مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وتهميش الأحزاب الصغيرة لعدم قدرة مرشحيها على اختراق نظام المجمع الانتخابي الذي يحسم الفائز في الانتخابات بمن يفوز بأصوات المجمع الانتخابي، وليس التصويت الشعبي، ما يمكن فوز مرشح بالرئاسة برغم حصوله على أصوات أقل من منافسه الفائز بالأصوات الشعبية، شهدنا ذلك في فوز ترامب على هيلاري كلينتون عام 2016 برغم حصول كلينتون على ثلاثة ملايين صوت أكثر من ترامب. من حق الكثير التساؤل عن أسباب عقم النظام السياسي الأمريكي الذي أوصل أكبر مرشحين عمراً-الرئيس بايدن(81 عاما) الأكبر عمراً في تاريخ الرؤساء الأمريكيين- واعترف بتراجع قدراته وذاكرته وقدراته العقلية والإدراكية! والرئيس السابق ترامب(78 عاماً)! أول رئيس مُدان بارتكاب جرائم جنائية، آخرها إدانته بـ34 تهمة جنائية نهاية في الماضي في نيويورك بالاحتيال والتلاعب بالحسابات المالية لإخفاء دفعات مالية للممثلة إباحية لإسكاتها إبان حملته الانتخابية الرئاسية عام 2016. إضافة إلى توجيه قائمة تهم جنائية بتحريض أنصاره للاعتداء على مبنى الكونغرس في محاولة انقلاب على النظام الديمقراطي الأمريكي، والاحتفاظ بوثائق سرية والتدخل في نتائج انتخابات ولاية جورجيا!. والسؤال كيف يمكن للدولة الأقوى في العالم وأهم ديمقراطية تحاضر على دول العالم بضرورة احترام الديمقراطية والمشاركة السياسية ونتائج الانتخابات، انحراف مسارها الديمقراطي، ويصفها الرئيس الخاسر ترامب الرافض منذ خسارته الاعتراف بخسارته، ويصف الديمقراطية الأمريكية بديمقراطية العالم الثالث! ووصف الرئيس بايدن في المناظرة بالرئيس الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة وبالكاذب! في انحدار كلي للغة الخطابة! وبالغ بإنجازات عهده وبخس إنجازات بايدن برغم نجاحه بتوفير 15 مليون فرصة عمل، أكثر من الرؤساء الجمهوريين الثلاثة السابقين. تبادل بايدن وترامب اتهامات بالكذب ووصلت إلى شخصنة الانتقادات ووصف بايدن الرئيس ترامب بالخاسر والمجرم المدان! ما عكس حقيقة الواقع أن الخيار بين رئيس (بايدن) تائه ومشتت الذهن ولا يمكنه تقديم عرض مقنع لإنجازاته المميزة- واستغلال نقاط ضعف الرئيس السابق ترامب- المُدان والكاذب والمزور ويتعهد بالانتقام من الدولة العميقة وخصومه الذين حاكموه وطبقوا عليه القانون. بدا الرئيس بايدن في المناظرة الأولى مع ترامب متلعثما وتائها ومضطربا وبصوت أجش وفاقداً للتركيز والحيوية. وبرغم عدد الإدانات والسلبيات وتكرار أكاذيب ومبالغات كان بإمكان الرئيس بايدن دحضها بسهولة-لكنه فشل بشكل محرج في مواجهة وكشف أكاذيب وسجل ترامب الفاضح. كشفت مراجعة لمداخلات ترامب أنه قدم معلومات مغلوطة وغير صحيحة أو دقيقة كعادته-30 مرة في مناظرة ال90 دقيقة. وفوق ذلك امتلك ترامب الجرأة ليتهم الرئيس بايدن على الهواء مباشرة في المناظرة «لم أر شخصا يكذب مثل بايدن في حياتي»! وكرر أكثر من مرة أن بايدن الرئيس الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، ليذكر الرئيس بايدن أن 159 مؤرخا أمريكيا صنفوا ترامب بالرئيس الأسوأ في رئيس في تاريخ الولايات المتحدة!. حسب استطلاعات الرأي شاهد المناظرة 51 مليون أمريكي ورأى 43% أن ترامب فاز مقابل 22% رأوا أن بايدن تفوق بالمناظرة. كان لافتا بعد نهاية المناظرة حجم التعليقات والانتقادات لأداء الرئيس بايدن التائه والمشتت برغم أكاذيب وخداع ترامب. ولكن الأكثر سوءاً لبايدن كان ما برز نقلا عن شخصيات ومقربين من الحزب الديمقراطي نتيجة لأداء بايدن المخيب للآمال في المناظرة، وبرغم نفي مقربين من بايدن، محاولات إقناع الرئيس بايدن الانسحاب من سباق الرئاسة، واستبداله بشخصية قيادية من الحزب الديمقراطي المحبط من فشل بايدن في طمأنة المشككين بقدراته العقلية لقيادة أمريكا في رئاسته الثانية!. الواقع أن بايدن لم يخسر المناظرة بسبب قدرات وتميز وطرح ترامب الذي لم يكن مميزا بقدر ما كان مختالاً. بل لأن أداء بايدن عمق وأكد مخاوف المشككين أنه غير مؤهل لمنصب الرئيس. وبرغم مطالبات شخصيات ووسائل إعلام ومحللين ومعلقين بما فيه مقال رأي لهيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز وتايم والايكونومست وغيرها طالبوا بايدن بالتنحي. لكن بايدن رفض ذلك وأكد «أعلم كيف انتصر وسننتصر» وهب الرئيس أوباما وقيادات في الحزب الديمقراطي وحكام ولايات يحكمها ديمقراطيون لمساندة الرئيس بايدن. لاحتواء أضرار الرئيس بايدن بعد يوم من المناظرة الكارثية، في مهرجان انتخابي بأداء مميز يشع بالحيوية والنشاط والثقة، عكس أداء بايدن في المناظرة. برغم طرح بعض المحللين تنحي بايدن من تلقاء نفسه (قبل او خلال مؤتمر الحزب بعد اسابيع) وتعيين بديل عنه أصغر سناً. من الأسماء المطروحة نائبة الرئيس كاميلا هاريس وحاكم ولاية كاليفورنيا نيوسوم وحاكمة ولاية ميشيغان وحاكم ولاية الينوي. إلا أن الرئيس بايدن أكد في محاولة واضحة لاستعادة كسب ثقة الناخبين بعد المناظرة الصادمة في المناظرة، وأنه باقٍ في السباق الرئاسي وسيشارك في المناظرة الثانية في سبتمبر. «لن أنسحب من سباق الرئاسة، وسننتصر في الانتخابات. حتى عندما تسقط عليك النهوض. كان ترامب أمس (في المناظرة) المجرم الوحيد الذي أُدين بارتكاب 34 جريمة جنائية وأدين بالاحتيال-وسدد 400 مليون دولار غرامات لخرقه القوانين، ويواجه تهما أخرى. هو ليس مجرما مدانا ولكنه موجة من الإجرام». الواضح أن الرهان بقاء الرئيس بايدن ممثلا لحزبه، والتفاف قيادات حزبه حوله. ومن المبكر الحسم! لكن الخاسر أمريكا وشبعها واقتصار خياراتهم بين رئيس هرم بقدرات متراجعة ورئيس سابق مدان ومتهور ومغرور يروج لأكاذيب ويتوعد بالانتقام من خصومه.