27 أكتوبر 2025

تسجيل

صفحاتٌ

30 يونيو 2020

أولاً: صفحاتٌ بيضاءُ من ماضينا: 1) أبو أيوب الأنصاري: طوال شهورٍ، وتكبيرات جيش المسلمين تُصدع قلوبَ الروم المُحاصَرين داخل أسوار القسطنطينية، وكان بين المسلمين الصحابي الجليل الذي استضاف الرسول صلى الله عليه وسلم، عند قدومه للمدينة مهاجراً؛ أبو أيوب الأنصاري، رضي الله عنه، الذي شعر بدنوِّ أجله، فطلب منهم دفنه حيث يموتُ، فدفنوه عند قاعدة أحد أسوارها، سنة 52 هـ/ 674م. 2) محمد الفاتح: وبعد وفاته بحوالي ثمانية قرون، سنة 838 هـ/ 1453 م، كان البطل المسلم، السلطان العثماني: محمد الثاني بن مراد، المُلقب بالفاتح، يقود جيش المسلمين في فتح القسطنطينية، أعظم معاقل الروم في غربي تركيا الحالية، ليبدأ عهدٌ إسلاميٌّ جديدٌ فيه عزةٌ وكرامةٌ ونهضةٌ. 3) سليمان القانوني: وبين عامي 1520 - 1566م، كانت الدولة الإسلامية في أعظم مراحل مجدها الحضاري والاقتصادي والعسكري، بقيادة السلطان المسلم العثماني: سليمان بن سليم الأول، المُلقب بالقانوني لأنه وضع نظاماً قانونياً متقدماً لإدارة شؤون الدولة، تُراعى فيه الظروفُ الخاصةُ للبلاد التي تحكمها. ثانياً: صفحاتٌ سودُ في حاضرنا: 1) فَتْحُ القسطنطينية احتلالٌ: بينما الهجوم على أَشُدِّه على القرآن الكريم في المقابلات التلفزيونية والمقالات والتغريدات في مصر والسعودية، إنكاراً للمسجد الأقصى وقُدسيته، وتطاولاً على مفهوم الأمة الإسلامية؛ كان شوقي علام، مفتي مصر، يُقدم قرباناً جديداً يتقرب به من السيسي والذين وظَّفوه، فيُفتي بأن فَتْحَ القسطنطينية كان احتلالاً. والخطورة في هذا القربان أنه جاء في صورة فتوى؛ أي حُكْمٌ شرعيٌّ، مما يفتح الباب لكل ناعقٍ ليقوم بتوصيف الغزوات النبوية والفتوحات كأعمال عنفٍ واحتلالٍ. ورغم أن الأوامر صدرت للمفتي بالتراجع عن فتواه، فإنها أحدثت الأثر المقصود بها وهو زيادة التشرذم، وشَغْلِ المسلمين عن الدماء والدمار في ليبيا واليمن وسوريا، وعن المعتقلات في مصر والسعودية والإمارات المزدحمة بالعلماء الأجلاء، والمفكرين المختصين في كل المجالات. ونحن بدورنا نطلب من شوقي علام فتوى بشأن حذفِ آيات الجهاد وسيرة صلاح الدين الأيوبي وسواه من رموز أمتنا من الكتب الدراسية بمصر، والتهجم على السُّنة النبوية وكبار الفقهاء المجددين في وسائل الإعلام المصرية. ولكننا لا ننتظر منه شيئاً، لأن تسييس الفتوى لصالح سياسات الرياض وأبوظبي والسيسي هو المجال الذي ينشط فيه. 2) الانتصارات السعودية: في السعوديةِ، ظاهرةٌ غريبةٌ تتجلى في نوعية الانتصارات الوطنية، كالانتصار على سليمان القانوني، الذي كانت دول الأرض تهاب وتحترم المسلمين في عهده، من خلال انتزاع لوحة تحمل اسمه عن أحد شوارع الرياض. وكالهزيمة التي ألحقها الذباب الإلكتروني السعودي بالسجاد التركي الذي فُرِشَ به مسجدٌ بتبوك. وتعكس هذه الحالة ما يُسمى بتخليق قضايا وانتصاراتٍ بائسةٍ تَشغلُ الناس عن أوضاعهم الحياتية، والهزائم السياسية والمعنوية والعسكرية لقيادتهم، ونقول للقائمين عليها إن الموتى الذين يحاربونهم؛ كصلاح الدين وسليمان القانوني والقسام وأحمد ياسين، سينتصرون عليهم لأنهم أحياء في العقل الجمعي للأمة، وشتَّان بين ميتٍ بجسده حيٍّ بذكراه، وحيٍّ بجسده ميتٍ في نفوس وضمائر العرب والمسلمين. ثالثاً: صفحاتٌ بيضاء في حاضرنا: 1) بلاد ابن خلدون: وهي تونس الخضراء التي تُشكل المثال الأسمى للإنسان العربي الذي ثار على الظلم ثم أقام دولةً حديثةً تُدير المؤسسات شؤونها، مما جعلها هدفاً لحلف التخلف الحضاري الذي تقوده الإمارات، لكنها انتصرت على مؤامراته ودسائسه، حتى اليوم، بديمقراطيتها ووطنية أهلها. وندعو الله ألا ينقل إليها هذا الحلف نموذجه التدميري في اليمن وليبيا، ونموذجه المتخلف سياسياً وحضارياً في مصر. 2) أحفاد عمر المختار: الذين لم ينشغلوا بالسيسي الذي خرج مهدداً إياهم، ومعلناً دعمه للمرتزقة الحفتريين، لأنهم يعرفون أن الإمارات والسعودية دفعتاه للقيام بهذه التمثيلية الهابطة إسلامياً وعربياً ودولياً. ونسأل عقلاء مصر عن سبب سكوتهم عن عدم انشغال السيسي بالمصيبة العظمى المتمثلة في سد النهضة؛ أيرجع السبب لعلمهم بأنه هو الذي تسبَّبَ بها في توقيعه على اتفاق المبادئ لبناء السد سنة 2015م؟ أم يرجع لمراعاتهم للسعودية والإمارات اللتين تُعتبرانِ من كبار مموليِّ بنائه؟. كاتب وإعلامي قطري الإيميل:[email protected]