11 سبتمبر 2025

تسجيل

مصيبة المجددين في الدين

30 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الخلط وعدم التمييز بين المواقف والمجالات الفكرية وغياب الحكمة فى تقدير انعكاس أثر فلسفة الغرب على واقع حضارة أهل الإسلام كان واحدا من الأسباب الرئيسية فى انهيار البنية الفكرية الإسلامية عبر السنين والقذف بها فى حالة انعدام للوزن والتوازن. وهنا تأتىمصيبة المجددين فى الدين دون سواهم إذ اختلط الأمر عليهم ولم تعد لديهم القدرة على التمييز بين التطبيق التقني للعلوم وبين استيعاب معطيات الفكر والمناهج الفلسفية، وشتان بين هذا وذاك! ولعل أكبر مَثَل على هذا التردي في مستوى الفهم هو التوصية التي تمت الإشارة إليها سابقا ووردت عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ’اليسكو‘ التابعة لجامعة الدول العربية والتي تقول: (من المستحيل أن نقبل تقنيات الغرب وعلومه ونرفض في الوقت نفسه فلسفاته وثقافاته). فلا أدري حقيقة هل لا ينبغي على مسلم أو بوذي أو وثني مثلا أن يركب عربة أو يستخدم هاتفا أو يلجأ لعلاج حديث إلا إذا كان منتسبا إبتداءً لفكر الحداثة أو براجماتيا؟ ألا ساء ما يحكمون! لقد كان الأحرى بأولى الأمر وقتها أن يربطوا كوادرهم المؤهلة للتغيير الذي ينشدونه بالتطور العلمي التقني في الغرب وبالتدريب على الممارسة التقنية ولكن ليس أبدا بشحنهم بالنشوز الفكري هناك. ولكن تلك الكوادر التي أُبتُعِثت رجعت حتى بدون أحد الخُفَّين ، إذ فقدوا هويتهم من ناحية ولم يتقنوا فنا ولا صناعة من ناحية أخرى فقط ملأوا فضاءهم ضجيجا .اعتبر المنادون بتجديد الدين المتأخرون أن التراث الفكري للسلف الذين حملوا لواء علوم الدين والعقيدة بعد عهد الرسول والصدر الأول هو هوة يجب ردمها طالما ضلت عن طريق العقلانية وبالتالي بعدت عن العلم. ولم يُبيِنوا ما هو العلم المقصود! وكانوا غير مدركين أن افتراضهم دوام الأنماط الفكرية في متونها الأصلية مع تقدم الزمن هو دليل جمود كما يدَّعون ما هو إلا افتراض خاطئ ينجم عن قصور فكرهم وجموده عند تلك الفترة المعنية. كان من المفروض أن يحملوا ذلك الفكر القديم قُدُماً مع الزمن. وأن ما يعتري تلك الأفكار القديمة من اختلافات عن منطق اليوم هو في التفاصيل والشروح وهذا شئ طبيعي ناجم عن تطور العقل ومنطقه وفق ناموس التطور والتغيير الكوني وليس ناجما عن قصور سابق في الإدراك أو الحكمة، وكأنهم بمنطقهم هذا حكموا مسبقاً على أفكارهم الحالية بنشوزها وعدم قيمتها بين يدي أجيال قادمة! وكما أخبرنا كتاب الله الكريم عندما سأل نبي الله يعقوب بنيه ’ماا تعبدون من بعدي؟‘ قالوا ’نعبد إلهك وإله آبائك‘ وكان أن قُبِل ذلك القول منهم في جملته. ولكن بعد حوالي أربعة وعشرين قرنا عندما أجاب مشركو مكة دعوة الرسول لهم لعبادة الله الواحد وكان جوابهم ’بل نعبد ما ألفينا عليه آباءنا‘، نفس الصيغة والمفهوم ولكن لم يقبل منهم ، لأن لكل زمان ظروفه وصبغته التي يلقيها على طبيعة بنية الفكر والعقلانية المطلوبة والتي تحكم الطريقة التي بها يتناول العقل ذلك الفكر.