15 سبتمبر 2025

تسجيل

نحو حضارة جديدة

04 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن مقابلة الفكر الغربي بين يدى الحضارة الجديدة المنتظرة تستدعي العمل على تطوير ما يمكن أن نسميه منهاج ’الدعوة الفكرية‘ ليكون موازيا ومكملا لمنهج ’الدعوة التبشيرية‘ السائد حاليا. وأول ما يسند هذه ’الدعوة الفكرية‘ هو قبول ما صلُح من فكر الآخر واتخاذه من عوامل ومرتكزات الجدل والمجابهه ، وذلك أيضا حتى لا تنطلق تلك ’الدعوة الفكرية‘ من عماء أو من مواقف متحيزة أو مواقف بها تناقض. فإن مواجهة النظام الرأسمالى السائد في الإقتصاد - أوحتى النظام الشيوعي - بالرفض القاطع لإنه جاء من الغير ولما يتضمنه من نشوز عن النهج الإسلامي في إطاره وتعميم مآخذه على عمومه كما يرى المفكرون المسلمون فيه سلبية غير مبررة. هنا يأتي دور آلية هامة وفعالة في سبيل السعي لتقريب الأفكار المتعارضة مع الغير تجئ عند أهل الإسلام في الأسلوب الفقهي للسلف في ’القياس والاستصحاب‘ وتأتي عند الغربيين في أسلوب ’الجدل الهيجلي‘ للموضوع ونقيضه وما يستخلص منه. يمتاز أسلوب استصحاب فكر الآخر في أنه لقاء في منتصف الطريق. يضيف أشخاص فاعلون لواجهة الفكر الإسلامي عبر التدرج في حملهم على الوعيبالدين الإسلامي وطرحه الفكري والعلم بحقيقة العقيدة بأسلوب مناسب وطريقة أكثر فاعلية. كما أنه يتحاشى الكثير من التعارض التلقائي التام مع الجنس الأوروبي بالذات في المواقف والمرجعيات الفكرية الأساسية والتي تأتي على وجه الخصوص نتيجة للفروق الجوهرية القائمة بين العقليتين الهندو-أوروبية والعقلية الشرقية السامية. فالشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا وهذه مشيئة الله. وما كان للبشر إلا أن يرتقوا بالفكر الإنساني بالتسليم بهذا. والإلمام بفكر الآخر وفهمه فى إطاره والتعمق فى تفصيلاته وتمثّله والتعرف على الحكمة التى يبطنها ووجهة النظر الخاصة التى يحملها يساعد على توضيح نقاط الخلاف ونقاط اللقاء معه. فاستصحاب فكر إنساني به شئ من الموضوعية والعمل على تنقيحه واعتباره صحيحا ولكن به شئ من ضلال أفضل من تركه سلباً جملة وتفصيلا. والاستصحاب في سبيل الحق أفضل من الترك على طريق الضلال. كما أن هذا يستوجب أيضا التخلص من خاصية صبغت أسلوب التحاور مع الغرب من قبل المسلمين ويأخذها بعض الغربيين كأحد مثالب التحاور ويعتبرونها ’خطيئة فكرية ‘Intellectual Sin وهى ميل المسلمين عادة إلى مقارنة "أحسن ما عندنا بأسوأ ما عندهم" وهذا لايُصنَّف إلا كنوع من ’العنجهية الفكرية‘. إن استصحاب فكر الآخر يدعم وحدة الفكر الإنسانى فى مجمله، ويقوى عوامل الصلة بدلا من ترسيخ عوامل الفرقة ويكون دافعا إيجابيا للتفاهم والحوار المثمر الذى سيكون سمة للتفاهم بين الأمم فى القرن الواحد والعشرين جبرا لا اختيارا، لأن البديل للحوار لن يكون إلا وبالاً على البشرية. والتأثيرالفكري المتبادل في مسيرة البشرية هو أمر طبيعي ودليل حيوية وفاعلية ولكن من المهم أن يحتفظ كل فكر بمعاييره الحضارية التي هي صفته التي تدل عليه فيكون هناك مناخا إيجابيا لترقية كل المعايير وترقية مجمل التوجهات الحضارية.