13 سبتمبر 2025

تسجيل

مفهوم "تغيّر النماذج"

02 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إذا رجعنا إلى مفهوم "تغير النماذج" وعلمنا أن أي شيء في الكون يتبع مع الزمن منحنى وليس خطا مستقيما، فلا وجود لمسار مستقيم في الكون مطلقا لا عمليا ولا فكريا إلا كصفة لمسار فكرة التوحيد "والصراط المستقيم" الذي يترتب عليها. ومفهوم "تغير النماذج" يعنى أن الفكرة تكون نموذجا كاملا في زمنها ويتعرض هذا النموذج بعدئذ لتحولات حتمية في مسيرتها على منحنى الزمن، والمنحنى دائما يدل على تغيير كامن. لكن مجددي الإسلام الذين تفشّوا منذ نهايات القرن التاسع عشر لم يستوعبوا هذا ولم تخطر على بالهم فكرة النماذج المتغيرة وضرورة ترقيها مع مرور الزمن، قد يكون ذلك نتيجة ضعف واضح في البنية الثقافية العامة ومحدودية أفق المعرفة الكلية في وقتها. فقد تم تزويدهم بالفكر الغربي في جرعات محسوبة لم تدع لهم مجالا للمرونة الفكرية أو حيوية في الاستيعاب أو فرصة للنقد وتمت محاصرتهم بإحكام، بالذات من قِبل المستشرقين الذين أحاطوا بهم إحاطة السوار بالمعصم، حتى في دورهم التعليمية. انعكس ذلك على بنيتهم العقلية وكان هذا واضحا في إنتاجهم الفكري الذي كثر بعد فترة تغريبهم فلم يكن إلّا أصداء ثقافة الغرب، غثها وسمينها، حلوها ومرها، طيبها وخبيثها. ولم يكن ليخفى عليهم أثر مثل تلك النماذج المتغيرة مع الزمن في ما نمى إلى علمهم بالتأكيد بخصوص بعض الاتجاهات الفكرية الغربية نفسها والتي تمددت بأفكار سابقة لديهم إلى مفاهيم مُحَدَّثة ولكن لم تلغى سابقتها، فقط تعدلها وفق سياق العصر ولم تلغها. ولو أخذنا الموضوع من زاوية أخرى لوجدنا أنهم لو أبدوا شيئا من الجدية في استيعاب ما قام به كثير من المفكرين الغربيين في تفسيرهم لدورات الحضارات في التاريخ -وقد درسوها بالتأكيد- لكان لهم قول آخر. فالمفهوم نفسه نجده مثلا عند الفيلسوف الألماني هيجِل في روح فلسفته الجدلية بشرح لا يخفى على فطنة المُلمِّين بالأمر. ولو انتبهوا مثلا إلى فلسفة الرياضيات بخصوص علاقة الزمن بالكم والكيف والتغيير الكامن في تلك العلاقة لكان لهم ما يغنيهم ويضيء لهم الطريق. لكن كان واضحًا أنهم كانوا يعانون من قصور واضح في البنية الثقافية الأساسية. ويبدو أنهم افترضوا أن المصادر التي تغذى معرفتهم محصورة في منابع فكرية معينة فجاء نسيجهم الثقافي وهو يعانى هذا القصور الواضح. لقد عانى الفكر في المنطقة العربية بالذات لكثير من الانغلاق ومن تخلف حضاري واضح رغم إدعاؤهم التجديد (فيما عدا بالطبع بعض أصحاب الفكر الإسلامي المستنير) . لقد توقف العقل العربي (التنويرى) تقريبا عند ما كانت عليه أوروبا في القرن التاسع عشر! وفيما وراء ذلك ما كان هناك إلا محاولات عبثية قاصرة لم ترقى لمكانةٍ لها في مجال علم أو أدب أو فن. كما أن رفض فكر السلف من العلماء المسلمين يعني إلغاء كل ما عُرِف به أولئك المفكرون والفقهاء من اتصاف بعلم ورؤية وحكمة. كما يلغي دون أي وعى وإدراك صفحة مضيئة في تاريخ الفكر الإسلامي.