15 سبتمبر 2025

تسجيل

مع القصص القرآني (13)

30 يونيو 2015

القصة القرآنية لها أسس ومعايير محددة في تقديم الأفكار والبراهين الإيمانية التي يتناسب منهجها مع غايات القرآن الكريم الدينية فكان الاختلاف بينهما يتمثل في أن القصة القرآنية " كما يرى د. إبراهيم الصعبي تشيع فيها التعليقات التي تلخص مغزى القصة التي تسبق سرد أحداث القصة أو تلحق السرد أو تأتي خلاله لتفسير أسباب تلك الأحداث بما يبررها حتى يكون لها وقعها في النفوس بما يستخدم في التعقيب عليها من أساليب التذكير والوعظ والزجر ومن الأمثلة على ذلك طريقة عرض قصة (أهل الكهف) إذ تلتقي بملخصها في ثلاث آيات ثم يأتي التفصيل من ثمرات القصص في القرآن إظهار وسائل متعددة للإقناع، من هذه الوسائل التي اعتمدها القرآن: وسيلة الحوار، وهو أمر ينبغي النظر إليه بعناية، ذلك أن الحوار أحد أهم وسائل التعايش السلمي بين الشعوب، وفوق ذلك هو أحد الوسائل لعرض الدين الإسلامي عرضا يليق به، فما هو الحوار وما الفرق بينه وبين الجدال وما هي غايته، ونماذج منه هذا ما ستتعرض له تلك المقالات إن شاء الله.الحوار: من المُحاورة؛ وهي المُراجعة في الكلام. أما الجدال فهو من جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه؛ وهو مستعمل في الأصل لمن خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب، ثم استعمل في مُقابَلَة الأدلة لظهور أرجحها.والحوار والجدال ذو دلالة واحدة، وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (المجادلة:1) ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس: مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي.وقد يكون من الوسائل في ذلك: الطرق المنطقية والقياسات الجدليَّة من المقدّمات والمُسلَّمات، مما هو مبسوط في كتب المنطق وعلم الكلام وآداب البحث والمناظرة وأصول الفقة.على أن ثمة نقطة افتراق يمكن أن تكون بين الحوار والجدال تتمحور حول الغاية والهدف، والانتصار للصواب، فيغلب على الحوار ذلك ويغلب على جدال التعصب للأفكار لا للصواب.الغاية من الحوار إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبه والفاسد من القول والرأي. فهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق.يقول الحافظ الذهبي: (إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ) وعليه فالمناظرة عمل له هدفه القائم على إظهار الحق وتجليته لا الانتصار للمذاهب أو الأفكار أو الأفراد.