30 أكتوبر 2025

تسجيل

أزمات مسكوت عنها

30 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); درجت المؤتمرات التي تنعقد هنا وهناك لمناقشة هموم الدعوة وقضاياها المعاصرة أن تركّز على أزمات مكرورة تُبدئ حولها وتعيد، بينما تغفل هذه المؤتمرات عن قضايا أخرى لها أهمية قصوى في حركة البعث الإسلامي، بل هي حجر الزاوية فيه، وبرغم ذلك كله لا نتحدث عنها إلا قليلا ولا نشير إليها إلا من بعيد.ولعل أهم هذه القضايا وأخطرها على الإطلاق: تراجع الثقة في العاملين إلى الإسلام، ولا أعني الثقة العلمية التي تدل على الكفاءة، ولا الثقة العملية التي تدل على القدرة، ولكني أعني الثقة التي تمنحها الجماهير بطبيعتها إلى الدعاة العاملين للإسلام باعتبارهم أئمة يُقتدى بهم ويسمع لهم ويحترم المجتمع مكانتهم.هذا النوع من الثقة ضروي لحركة الدعوة ما في ذلك شك، ولا أظن أن هناك أمرا يمكن أن يشل حركة الدعوة إلى الإسلام أسوأ من أن يكون المتصدر لها شخصا تلاحقه العيون بالتشكك وتتهمه الضمائر بما لا يليق!نعم إن هناك دوائر من المغرضين تتربص بالدعاة وتعمل على إشانة سمعتهم، غير أن الله أكرم من أن يُمكّن هؤلاء من تحقيق مرادهم ومحاصرة الدعاة بإفكهم، فما زالت الأمم على بقية من الخير وفطرة مستقيمة تميز بها بين الصادق والكاذب، وإن حملها الجحود على التنكر للحقيقة الساطعة، قال تعالى: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) وقال عن الملأ من قوم فرعون(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)..الآيات.إن العلة التي نتحاشى الحديث عنها كثيرا –وما ينبغي لنا ذلك- موجودة في كياناتنا العاملة للإسلام، وموجودة أيضا في ذواتنا نحن الذين نتحرك باسم الإسلام، فخير لنا معاشر الدعاة أن نواجه أنفسنا بعللها، لنقف على الحقيقة مجردة من محاولات التحايل النفسي الذي يصوّر لنا دائما أننا على خير كثير ولكن العلة في غيرنا في الأمة التي ندعوها وفي العدو الذي يتربص بنا وفي الإمكانات التي نعجز عن توفيرها(أليست هذه قضايانا التي نناقشها في مؤتمراتنا)!إن حقائق القرآن لتخبرنا أن التراجع والهبوط أمران مرتبطان بأحوال الناس ارتباطا وثيقا لا فكاك له قال تعالى:(ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وقال(أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم)، وأولى الناس بالتفكر في هذه الآيات وأمثالها نحن الذين ننتمي للدعوة ونتحدث باسمها ذلك لأن في صلاح هذه الفئة من الناس صلاحا للمسلمين وانتشارا للدعوة إلى الله في العالمين، والتاريخ الإسلامي يوقفنا على أمر في غاية الأهمية وهو أن الإسلام كان في صعود مستمر وأن دعوته ربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ولكنه أعني الإسلام بدأ يتراجع حينما أحست الشعوب بأن حملة هذا الدين الذين يبشرون به قوم دون إسلامهم ودون مكانتهم، وأن بينهم وبين الرسالة التي يحملونها مفاوز بعيدة.فدعاة الإسلام مطالبون أن يكونوا عناوين تجسد أمارات الصدق والخير والمروءة، حتى يتمكنوا من إحداث التحول المنشود الذي لا يبدأ من عدم ولا ينطلق في فراغ وإنما يبدأ أولا في نفوس أهل الدعوة، وينطلق في الأرض بعد ذلك ليصلح ما أفسد الناس.