13 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستقلال الفكري

14 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا ريب أن الفتن المتلاحقة المتمثلة في التحديات المادية والمعنوية التي تفرض نفسها على واقعنا المعاصر ، تحتاج منا نحن معاشر المسلمين أن نستكمل مجموعة من الخصائص النفسية والمعرفية ، ذلك لأن من عادة الأمم في أوقات تراجعها وانكسارها أن تبتلى بفقدان الثقة في نفسها ، وتستولي عليها عقد نفسية ومعرفية ، تحملها –كما يقول العلامة ابن خلدون – على الولوع بتقليد الغالب ، مع شعور نفسي بالوضاعة والعار. ومن هنا كان الطريق المفضي بنا إلى أن نعيش عصرنا ، بفضاءاته المعلومة ، ونحن في الوقت ذاته مستمسكون بأصول ديننا ومحكمات شرعنا ، تمثله معالم هادية منها :-1-الاستقلال الفكري الذي يقوم على بناء المفاهيم الخاصة بنا ،والتحرر من التبعية للغير، فنحن أمة توجب عليها مرجعيتها الدينية والثقافية ومصالحها الحياتية الدنيوية أن تكون مستقلة في نظرها ومفاهيمها، فلا تستجلب مفاهيم الآخر الحضاري التي صيغت لتعالج مشكلاته وتخاطب قضاياهليتخذ منها الناس –كما هو الحال-صنما يهيمون به ويعكفون عليه.لقد أوقع هذا القصور الذي نعانيه في ممارسة حقنا في النظر والنقد والاستدلال كثيرا من المنتسبين للثقافة في ورطة التقليد والاستعداد لتلقي الأفكار الوافدة دون كبير تمحيص أو تبصر، فنحن مع التنمية ضد التخلف ومع الديمقراطية ضد الاستبداد ومع المواطنة ضد الحيف ، ومع الحرية ضد الكبت، ومع حقوق الإنسانضد امتهانه، وننسى في غمرة حماستنا لهذه العناوين "التنمية"-"الديمقراطية"-"المواطنة"-"حقوق الإنسان" ، إيضاحَ المضامين التي تراد منها بحسب تصورنا لها، ذلك لأن الإشكالية التي تثيرها هذه العناوين ليست في بعض ما يفهمه الناس عنها، وإنّما في كونها محكومة بإطار مفاهيمي صنعه الغرب وفق مرجعياته ومصالحه، فالديمقراطية-مثلا- ليست مجرد آلية للوصول إلى السلطة، فهذه"ديمقراطية الشكل لا المضمون" أو هي بتعبيرهم "وهَم الديمقراطية لا حقيقتها" ، فالديمقراطية اليوم تعني عند أهلها ووكلاءها في عالمنا تصورا شاملاوفلسفةَ حياة لنوع القيم والثقافة التي يجب أن يتشبع بها المجتمع ليكون أهلاً لممارسة حقه الديمقراطي ، إذ لا يمكن أن تتحقق الديمقراطية -كما يقول بعض أنصارها–(في مجتمع لا زال المُكوِّن الأساسي للوعي فيه ينتمي إلى زمن تقليدي عتيق، إلى ثقافة تقليدية بامتياز ، كيف تتحقق الديمقراطية بلا ديمقراطيين؟ بل كيف تتحقق الديمقراطية بواسطة ثقافة مضادة -وليست محايدة فحسب-للأسس التي ينبني عليها التصور الديمقراطي).إنَّالجهد الفكري الذي يجب بذله اليوم هو التحرر من المفاهيم الوافدة من فضاءات أخرى،والاجتهاد في بناء المفاهيم التي يقوم عليها تصورنا نحن المسلمين للكون والحياة والعلوم، وإلا فإن مفاهيم الآخر ستكون بلا شك طوقا نضربهحول أعناقنا،ونكرّس به التبعية لغيرنا.