14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قال لي صديق عزيز: معنى ذلك أنك تريد أن تحملنا على ما يطلبه المستمعون، قلت نعم، وهل في ذلك المطلب من بأس؟ ثم قلت لنفسي: ما بالنا نحن الذين نصف أنفسنا بالدعاة لا نلقي بالا لمطالب الناس وتطلعاتهم، بينما يعمل غيرنا على اكتشاف هذه المطالب وتلمّسها بكل الوسائل والأساليب، أما آن لنا ان ندرك أن من حق الناس علينا أن نستمع لهم ، وأن نوجد الأجهزة التي تصلنا بهم، وتطلعنا على مطالبهم .إن الدعوة إلى تلبية مطالب الجماهير دعوة مشروعة لا يجوز أن تحاصر بالخوف من الجماهير وما تمليه من ضغوط وأهواء على أهل الدعوة ، ذلك لأننا نتعامل مع الناس بمنهج معالمه محددة ، وضوابطه واضحة ، ولا مجال فيه لمجاملة على حساب الحق.،هذه واحدة، وأما الثانية فهي أن الدنيا لا تقوم على باطل محض، كما يتصورها بعضنا، فمطالب الناس ليست شرورا كلها ، فمنها ما هو مقبول لا يتناقض مع ديننا، ولا تترتب عليه مفسدة في دنيانا، فلماذا لا نجعل من هذا النوع - وهو كثير- طريقا لإبلاغ رسالتنا وإشعار العالم بأننا نملك بديلا أفضل مما يملكون.ومن جميل إشراقات المفكر المغربي الكبير علّال الفاسي قوله(إن من حسن حظ الإسلام أن كانت له المرونة الكافية التي جعلته يتمشّى مع سير الآلة النفسية للشعوب التي اعتنقته، وهكذا نجد في العالم الإسلامي تغايرا في طبائع الجماعات المسلمة ، وفقا لطبيعة الأرض التي تسكن بها، وأن ما يتراءى من هذا التغاير الملموس ينتهي في باطنه كله لهذا النموذج النفسي الإسلامي) وليته استشهد على كلامه هذا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وقد أنكحت ذات قرابة لها رجلا من الأنصار، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال(أهديتم الفتاة) قالوا: نعم قال:(أرسلتم معها من يغني ؟ قالوا لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم).إن النماذج العلمية التي تجسد تقبل الإسلام لأنماط من مطالب الناس التي يعبرون بها عن ثقافاتهم وبيئاتهم ، أبلغ من ألف خطبة تشرح هذا الأصل وتفصله، ولذلك لما أراد رسولنا صلى الله عليه وسلم أن يبيّن لليهود أن دينه الذي جاء به هو دين السماحة واليسر لم يبعث لهم برسالة مكتوبة ، وإنما وقف موقفا عمليا يبرهن على صدق تلك الحقيقة.. روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت(وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقني على منكبيه ، لأنظر إلى زفن الحبشة - لعبهم- حتى كنت التي مللت فانصرفت عنهم. قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ (لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ، وإني أرسلت بحنفية سمحة)وهذا هو التحدي الذي يواجه الدعاة اليوم كيف يمكن لهم أن يقدموا نماذج تتحرك بين الناس، وتريهم قدرة هذا الدين في معالجة مشكلات العالم ومطالبه المعقدة.