11 سبتمبر 2025
تسجيللو رجعنا بالذاكرة قبل الثورات العربية قليلاً، من كان يصدق أو يحلم مجرد حلم أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة في مصر أو أي بلد عربي آخر يتنافس فيها عدد من المرشحين لمنصب الرئيس؟! وفي مصر العربية مثلاً كان لا يترشح سوى الرئيس الأوحد حسني مبارك الذي كان طيلة ثلاثين سنة كبيسة يَجثم على صدور المصريين ولم يكتف بذلك بل مسح دورها الرَّيادي في العالم العربي والإسلامي، ولو سألت أي أحد في ذاك الوقت حتى لو كان ثملاً أو ناقص عقل لقال لك حسني مبارك هو من سوف يفوز بنسبة مائة في المائة ناقص نصف درجة دليلاً على دقة الانتخابات ونزاهتها ولن يتنافس معه لا إنسي ولا حتى جني!! وفي حقيقة الأمر ان الرئيس كان يريد أن يرتاح الشعب المصري من الحضور وينوب هو عنه ويوفر بذلك على المرشحين للانتخابات المصاريف الكبيرة التي يتكبدونها، ومن فرط عدله لم يترك أحدا إلا دعاه لصناديق الاقتراع وهو لم يكتف بالأحياء فقط بل حتى الأموات ومن في عالم البرزخ الذي نسمع عنه صَوَت له؟! وما يحدث في مصر في حقيقة الأمر هو رسالة تنبيه لكل زعماء العالم العربي وجرس إنذار لكي يتغيروا بمزيد من الحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية وإن سياسة القبضَّة الحديدية لم تعد تُجدي نفعاً وأن الشعوب عندما تثور تكون كالطوفان حتى ولو دَفعت الفاتورة باهظة الثمن وأن القوى الكبرى سئِمت هي الأخرى منهم ولم يعد البعض منهم يصلح لمرحلة الانفتاح والتقدم فهم يحكمون بعقلية القرون الوسطى، وقد يكون الكلام الذي نسمعه من البعض صحيحاً أو مجرد شماعة ومفاده أن القوى الكبرى أو الاستعمارية بعد أن فشلت في أماكن عدة تريد عن طريق الثورات أن تنشر الفوضى والاضطرابات في العالم العربي لكي يبقى مُفككاً ضعيفاً ومتخلفاً عن بقية دول العالم وهي لم تجد وسيلة ناجعة سوى مساعدة الشعوب وخاصة التي تُعاني من شظف العيش ولا تجد أبسط مقومات الحياة الكريمة، وترى ثرواتها تُسرق منها وتقتصر على فئات معينة من الشعب تُشاطر الحكومة السرقة لكي تثور هذه الشعوب على الأنظمة لعلمها -أي الدول الكبرى- ان هذه الأنظمة سوف تستميت من أجل ان تُحافظ على التمسك بالسلطة ومقدرات الشعب ومؤسساته المختلفة وهو ما يحصل في سوريا من إجرام تنفذه السلطات ضد الأبرياء دون أي ردة فعل من القوى الكبرى وكأنها توافقه ذلك؟! وهذه القوَّى تركت شعوبا أخرى لعلمها أنها مُتخمة اقتصادياً وتعيش حياة اجتماعية فيها رغد من العيش ترجح كفة الحكومات التي تنتمي إليها ولا تفكر في الخروج عليها فجُل ما تطلبه هذه الشعوب توفر لها ولعل القادم في الطريق أكثر على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، وطبعاً شماعة إسرائيل معروفة يُعلق عليها كل شيء وهي التي تريد أن تدمر العالم العربي دون أن تخسر ودون حروب عن طريق الثورات فنحن لا نريد أن نتعلم من إسرائيل أي شيء أو تكون شماعة سوى الديمقراطية والقيمة الحقيقية التي يمثلها المواطن هناك فهي تبدل مئات الأسرى العرب بأشلاء جندي مقتول أو بأسير واحد لها، وآخر الكلام نتمنى التوفيق للرئيس المصري القادم عن طريق الانتخابات التي نتمنى أن تكون نزيهة وان ينعم الشعب المصري بثرواته المسروقة وان يضع حداً لمعاناة لطالما طال أمدها..