13 سبتمبر 2025

تسجيل

بلغةِ الحضارة نتحدثُ

30 مايو 2015

عندما تحدَّثْـنا عن وجوبِ أنْ يكونَ خطابُنا حضارياً ومدنياً وإنسانياً، انطلَـقْنا من إيمانِـنا بمجتمعِـنا الناهضِ بإنسانِـهِ الحيِّ. واليومَ، ننظرُ حولَـنا فتُدْهِـشُنا الرَّوعةُ في مستوياتِ الخطابِ الـمختلفةِ، وآخرُها كان مهرجانُ كتارا للروايةِ العربيةِ الذي بَيَّنَ النَّـهْجَ الذي تسيرُ عليهِ بلادُنا في احتضانِ الإبداعِ العربيِّ، وتكريمِ الـمُبدعينَ ودَعْـمِـهِم أدبياً ومادياً. وهو نَهْـجٌ يخدمُ رؤيتَنا الوطنيةَ لسنةِ 2030م والتي ترتبطُ عضوياً بالتواصلِ البَـنَّاءِ معَ الشقيقِ العربيِّ من سواحلِ الأطلسيِّ إلى سواحلِ خليجِـنا العربيِّ.من الـمهمِّ جداً أنْ نصوغَ جُزْئـيَّاتِ رؤانا الوطنيةِ الـمتصلةِ بالـمهرجان، لنضعَ بصماتِ إبداعِ الإنسانِ القطريِّ في مجالِ الروايةِ إلى جانبِ بصماتِ أشقائِـهِ العربِ، ونرسمَ ملامحَ النهضةِ الحضاريةِ الـمأمولةِ التي أشرقَتْ شمسُها على بلادِنا منذُ عقدينِ. وسنطرحُ رؤانا في نقاطٍ، كالتالي: (1) عندما نتحدثُ عن أدبٍ روائيٍّ، فإنَّنا نناقشُ حالةً ينبغي لها قبولٌ من الـمجتمعِ الذي قد لا يقبلُ بعضُ أفرادِهِ بالتوَسُّعِ في الطَّـرْحً ًوالقَـصِّ اللَّذَينِ سيناقش بهما الروائيُّونَ قضاياهُ بصراحةٍ، أو من خلالِ الرمزِ وإسقاطِـهِ على الواقعِ. إلَّا أننا واثقونَ بشبابِـنا الـمتعلمِ تعليماً عالياً، الـمُسلَّحِ بثقافةٍ رفيعةٍ، مِـنْ حيثُ التفاعلِ الإيجابيِّ معَ الحالةِ، ومُدْرِكونَ لوعيِـهِـم بأنَّ العصرَ هو عصرُ الشفافيةِ والتأثيرِ في الآخرينَ حضارياً من خلالِ الأدبِ والفنِّ كوسيلتينِ تُبرزانِ انتماءَنا العربيَّ الإسلاميَّ، وتؤكِّدانِ ارتباطَنا بالعالَـمِ وحضاراتِـهِ في آنٍ. وهنا، نتمنى على وزارةِ الثقافةِ والفنونِ والتراثِ الخروجَ من الحالةِ الاحتفاليةِ النمطيةِ إلى حالةِ التأثيرِ عبر مخططاتٍ قصيرةِ وبعيدةِ الـمدى تهدفُ إلى زيادةِ وتيرةِ التنميةِ الثقافيةِ والفنيةِ في مجتمعِنا، من خلالِ التَّـوَجُّـهِ إلى الـمواطنِ واحتضانِ طاقاتِـهِ الأدبيةِ والفنيةِ، وصَقْلِها، وتهذيبِـها، وإتاحةِ الفرصةِ له لينشرَ إبداعاتِـهِ. وهذا جانبٌ رئيسٌ في سعيِـنا لتغييرِ البُنى الاجتماعيةِ إيجاباً، وقبولِ التجديدِ والتَّطَـوُّرِ مجتمعياً. (2) نريدُ لبلادِنا أنْ يكونَ لها أثرٌ واضحٌ في مسيرةِ الفكرِ والأدبِ العربيين، ولذلك نتمنى على وزارة الثقافةِ والفنونِ والتراثِ، دَعْـمَ دُورِ النشرِ فيها، وتيسيرَ إجراءاتِ طباعةِ الكتبِ الأدبيةِ وسواها. فهذا أمرٌ لا يمكنُ وَصْـفُ نتائجِـهِ الـمستقبليةِ الإيجابيةِ علينا في كلِّ الـمستوياتِ، بدءاً من الـمستوى السياسيِّ وانتهاءً بالـمستوى الاقتصاديِّ. فالكتابُ الـمطبوعُ ورقياً أو إلكترونياً، هو الجزءُ الـمُوَجَّـهِ لشعوبِ أمتِـنا العربيةِ ونُخَبِها في خطابِـنا الحضاريِّ، وهو ذو آثارٍ مباشرةٍ تَتَـمَثَّـلُ في تعزيزِ الصورةِ الرائعةِ لبلادِنا، وآثارٍ بعيدةٍ تبدو في جَعْـلِها جزءاً من الضميرِ الشعبيِّ العربيِّ كواحةٍ للحريةِ والإبداعِ. (3) اعتمادُ الـمهرجانِ مناسبةً سنويةً تُعْـقَدُ في بلادِنا، أمرٌ يدفعُنا للبحثِ عن الروائيينَ الوطنيين، من الجنسينِ، من خلالِ مسابقاتٍ في العملِ الروائيِّ تُنظِّمُها وزارةُ الثقافةِ والفنونِ والتراثِ، بحيثُ يُكَـرَّمُ الفائزون مادياً، ويُعَـزَّزُ احترامُهُم لذواتِـهِم بطَبْـعِ ونَشْـرِ رواياتِهم، والتوصيةِ بإنتاجِها كأعمالٍ دراميةٍ أو كوميديةٍ. كلمةٌ أخيرةٌ:نُوَجِّـهُ تحيةَ تقديرٍ للمؤسسةِ العامةِ للحي الثقافيِّ، كتارا، على الجهودِ الكبيرةِ التي بذلَتْها في تنظيمِ الـمهرجانِ وإدارةِ فعالياتِـهِ، وإبرازِها للجانبِ الحضاريِّ الـمشرقِ لبلادِنا وإنسانِـنا.