13 سبتمبر 2025
تسجيلاعْتَدْنا، للأسفِ، أنْ تثورَ عواصفُ في بعضِ أنديتِـنا فيعلو غبارٌ يَحُولُ بيننا وبينَ رؤيةِ الواقعِ، وتحديدِ الأسبابِ والنتائجِ، ومناقشةِ آثارِ ذلك على الصورةِ الـمَدَنيةِ والحضاريةِ لبلادِنا في الصحافةِ الدوليةِ. كما هو الحالُ معَ العاصفةُ التي شهدَتْها القلعةُ العرباويةُ، مُؤَخَّراً، منْ امتناعِ لاعِـبِيِّ القدمِ فيها عنِ الـمُشاركةِ في التدريباتِ، وما تلا ذلك منْ إيقافٍ لعددٍ من اللاعبينَ بتهمةِ التحريضِ على الإضرابِ. كم مُؤلِـمٌ أنَّ إدارةَ العربي تعاملَتْ معَ القضيةِ كسلطةٍ ديكتاتوريةٍ لها الحقُّ في اتِّخاذِ الاجراءاتِ التي تراها مناسبةً لها دون أنْ يخرجَ إداريٌّ ليُخاطبَ الجمهورَ العرباويَّ ووسائلَ الإعلامِ بصراحةٍ ووضوحٍ عن الأسبابِ التي دفعَتْ باللاعبينَ للإضرابِ، والأسبابِ التي جعلتْهُم يرجعونَ عنه، والخططِ الـمُستقبليةِ للخروجِ بالنادي من أزماتِـهِ الاقتصاديةِ والإداريةِ والفنيةِ التي كانت، و لم تزلْ، جراحاً في الجسدِ العرباويِّ تنزفُ دماءَ جماهيريَّتِهِ، وتلتهبُ بجراثيمِ انحدارِ مستواه الفنيِّ، وتُنَغِّصُ بمواجعِها وهمومِها قلوبَ العرباويينَ. هل أخطأ اللاعبونَ؟. نعم، أخطأوا بإضرابِهِم، لكنَّ العدالةَ تقتضي منا أنْ نقولَ إنَّ خطأَهم تتحمَّلُهُ الإدارةُ، ويُضافُ إلى سلسلةِ تخبُّطاتِها وانعدامِ الرؤى عندها. وهو مُؤَشِّـرٌ على مدى التَّدَهْـوُرِ الذي بَلَـغَـهُ النادي حتى صارَ يعجزُ عنْ الإيفاءِ بمُستحقاتِ لاعبيه. فأينَ الإدارةُ عن ممارسةِ دورِها في مجالِ العلاقاتِ العامةِ، على أقلِّ تقديرٍ، لتجتذبَ الدَّعْـمَ للنادي منْ الشخصياتِ العرباويةِ ذاتِ الـمَكانةِ الاجتماعيةِ والاقتصادية العاليةِ، والتي نأتْ بنفسِها عنه رغم عظيمِ حبِّها وعشقِها له، بعد سلسلةٍ من التراجعاتِ بسببِ التَّخَبُّطاتِ الإداريةِ، وعدمِ وجودِ أُفُقٍ فيه بصيصُ أملٍ في التغييرِ وبَـدْءِ مسيرةٍ جديدةٍ تُعيدُهُ لـمكانتِـهِ اللائقةِ بتاريخِـهِ وجماهيرِهِ؟. قضيةُ إضرابِ اللاعبين لها جانبٌ آخرُ لا يلتفتُ أحدٌ إليهِ هو عدمُ وجودِ جهةٍ قانونيةٍ مرتبطةٍ باتحادِ القدمِ، كتابعةٍ له أو مستقلةٍ عنه، تعملُ كمحكمةٍ تُنْـظَرُ فيها الشكاوى، ويكون لها سلطةُ إصدارِ أحكامٍ مُلزِمةٍ بعيداً عن أجواءِ الـمحاكمِ الـمدنيةِ في بلادِنا. فمنَ الـمؤسِفِ أنْ يقولَ البعضُ إنَّ هناك سُبُلاً قانونيةً يستطيعُ اللاعبونَ سلوكَها للحصولِ على حقوقِهِـم. ومَبْعَثُ الأسفِ سببانِ: الأول؛ أنَّ هذه السُّبُلَ ضبابيةٌ لا يُعْـرَفُ الكثيرُ عنها. والثاني؛ أنَّ تحميلَ اللاعبينَ الـمسؤوليةَ يعني الطَّعْـنَ فيهم كأشخاصٍ غيرِ راشدينَ أو كأفرادٍ تَتَحَـكَّمُ فيهم دوافعُهُم الذاتيةُ حتى لو كانَتْ مخالفةً للقوانينِ التي تحفظُ حقوقَهُم وترعى شؤونَهُم كلاعبينَ. سيردُّ بعضُنا بأنَّ اتِّحادَ القدمِ ولجنةَ الاحترافِ ترعيانِ الحفاظَ على تنفيذِ العقودِ وإلزامِ الأنديةِ واللاعبينَ ببنودِها، لكنَّ ذلك كما تَبَيَّنَ لنا من متابعةِ تطوراتِ القضيةِ ليس هو الواقعُ، وينبغي البحثُ عن صيغةٍ قانونيةٍ لجهةٍ تحسمُ هذه القضايا. كلمةٌ أخيرةٌ:ليسَ مِـنْ داعٍ للحديثِ عنِ ضَعْفِ مشاعرِ الانتماءِ للنادي في نفوسِ اللاعبينَ، فهذه قضيةٌ تدخلُ في إطارِ التشويهِ بناءً على ما تُخفي القلوبُ، وهو أمرٌ بعيدٌ عن روحِ العدالةِ.